أخيراً هل لنا أن نتذكر ما كتبه "غاري يونغ" في صحيفة الغارديان يوم 11/07/2005 بعد تفجيرات لندن: "نحن لا نحتكر الألم أو المعاناة أو الغضب أو التصميم، ودماؤنا ليست أشد احمرارا من دماء العراقيين والأفغان، ولا عظامنا أشد صلابة من عظامهم، ولا أعيننا أجود بالدموع من أعينهم"، وأضاف يونغ: "إن توني بلير ليس مسؤولا عن مقتل 50 شخصا وجرح 700 شخص يوم الخميس، وإنما الجهاديون هم المسؤولون عن ذلك على الراجح. لكن بلير مسؤول جزئيا عن مقتل 100.000 شخص في العراق".
فمشهد العراقيين وهم يقتحمون الوزارات والدوائر الحكومية ببغداد، تكرر في الولايات المتحدة بشكل جزئي عندما ضرب إعصار كاترينا 2005 م مدينة نيوأورلينز الأمريكية، لتشتعل عمليات السلب والنهب للمتاجر والأسواق بالمدينة؛ لتعود بنا الذاكرة إلى انقطاع الكهرباء في مدينة نيويورك في بداية الثمانينيات من القرن العشرين لتندلع أعمال السرقة والنهب والإفساد، لتكشف لنا الظلماء ما لا تكشفه لنا الأنوار عن حقيقة وقسوة ذلك المجتمع، وإن كان ما جرى في بغداد ردة فعل على سقوط نظام "ديكتاتوري"، فإن ما جرى في نيويورك كان مجرد انقطاع للكهرباء. ولا أحد يدري ما الذي سيجري في الولايات المتحدة مع استمرار الأزمة المالية..
لم تترك الولايات المتحدة مساحة في قلوب الناس للشفقة عليها، بل زرعت الموت وأشعلت الحروب، وأشعلت الطائفية والفرقة، وسقت شجرة الغرقد في المنطقة وزودتها بكل ما تملك، وحاربت الإسلام باسم مكافحة الإرهاب، ودعت الدنيا كلها إلى منع الماعون بمحاربتها للعمل الخيري بكافة صوره بحجة تجفيف المنابع، وساهمت وبشكل مباشر وغير مباشر في حصار قطاع غزة بلا رحمة، وهذه نماذج من أفعالها.
لن ينجو القوم بأفعالهم هذه، وليست أزمة الرهن العقاري سوى مس مما يستحقه القوم، قال تعالى: {وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}، أليس الله بأحكم الحاكمين؟..
المفضلات