يحتفظ الزوجان بمشاعر خاصة، وذكريات جميلة لا تمحوها الأيام، ومنها أوّل هدية يتلقاها أحدهما من الآخر، فيعتبرها من أشيائه الثمينة، التي تنعش في الذاكرة مشاعر وذكريات جميلة تتحدى النسيان.
تقول الأربعينية سحر البرقاوي أن الأغلبية العظمى من الزوجات يحرصن على الاحتفاظ بأول هدية يتلقينها من الخطيب، أو الزوج. فهذه الهدية تظل تحتفظ بوقع خاص في النفس ولا تضاهيها أي هدايا أخرى تأتي لاحقا. وتضيف سحر قائلة "كانت أول هدية تلقيتها من زوجي، عبارة عن صندوق أنيق يحتوي على مجموعة من العطور ومستحضرات التجميل، وما أزال أحتفظ بهذا الصندوق لحد الآن، لأنه يعني لي الكثير، ويرتبط في نفسي بذكريات جميلة لن أنساها أبدا".
وكذلك ربة المنزل عطاف محمود، التي تقول أنها ما تزال تحتفظ بهديتها الأولى التي تلقتها من زوجها، قبل 30 عاما مضت "كانت الهدية عبارة عن خاتم من اللؤلؤ، أهداه إلي زوجي في أول زيارة بعد عقد قراننا، وبالرغم من أن زوجي أهداني الكثير من الهدايا الثمينة فيما بعد فإن هذا الخاتم سيظل مميزا عن باقي الهدايا، لما له من وقع جميل في حياتي".
أما مرح الخطيب فهي تنتظر أن يكبر أطفالها لتقص عليهم حكاية زجاجة عطر "نينا ريتشي"، أول هدية تلقتها من زوجها في ذكى يوم تعارفهما. ولعل أجمل ما في هذه الهدية من مغزى أن مرح على الرغم من أنها استخدمت العطر حتى آخر قطرة، فما تزال تحتفظ بالزجاجة الفارغة، وتعتبرها من أشيائها الثمينة، لأنها تمثل أجمل هدية تلقتها في حياتها. كما أنها تذكرها بمناسبة عقد قرانها أيضا.
وتقول سمر أبو ليل إنها سعيدة جدا لأنها ما تزال تحتفظ بهديتها الأولى من زوجها بمناسبة عيد زواجهما، وهي عبارة عن زجاجة عطر. وتحرص سمر دائما على شراء هذا النوع من العطور، "كلما وضعت هذا العطر على ملابسي أشعر بسعادة عارمة، وكأني أضعها لأول مرة".
ولا تختلف معاني الهدايا ودلالاتها عند الرجال، إذ يبدو أنهم حريصون أيضا مثل النساء على الاحتفاظ بهدايا الزوجات، خصوصا الهدية الأولى، وهذا ما يؤكده سليمان عبد الرحيم الذي يقول إن هدية زوجته الأولى كانت في عيد ميلاده الأول بعد الزواج، وكانت هذه الهدية عبارة عن علاقة مفاتيح من الفضة مرصعة بحجارة كريمة.
في هذا الشأن يتحدث اختصاصي علم النفس د. محمد حباشنة عن الأثر النفسي لتبادل الهدايا بين الأزواج قائلا "لا شك في أن الحب هو بمثابة بذرة جميلة، ومن الأهمية بمكان أن تزرع تلك البذرة في مكان خصب، والأجمل أن يتم الاعتناء بها، وتَفقّدها بين الحين والآخر".
ويشدد على أن العلاقة الزوجية من أهم العلاقات التي لا يمكن أن تتم من دون حب واحترام، ولذلك يجب التنبه إلى العوامل التي تساعد على نمو هذا الحب لكي تنمو بذرته وتثمر باستمرار، حتى تمنح الزوجين السعادة والطاقة اللازمة لحياة ناجحة".
ويبين استشاري العلاقات الزوجية أحمد عبد الله، أن "هناك استراتيجيات متعددة يجب اتباعها للحفاظ على الود والحب بين الأزواج، وتتمثل تلك الاستراتيجيات في مجموعة من المبادرات اللطيفة والبسيطة، ومن أهم تلك تبادل الهدايا، فتبادل الهدايا بين الأزواج أمر يمكن القيام به من دون عناء يذكر، لكن الهدايا تعزز مشاعر الحب والمودة بينهم".
ويؤكد من ناحية أخرى أن للهدية فاعلية في نزع فتيل أي أزمة قد تعكر صفو الحياة الزوجية.
أما فيما يخص "إتيكيت" الهدايا واختيارها، يقول الخبير في أحد محلات بيع الهدايا، محمد طوالبة، "الهدية وسيلة للتعبير عن الحب والتقدير والإعجاب إزاء الآخرين. أما ما بين الزوجين فهي تعبّر عن همسة حب من أحدهما في أذن الآخر". وينصح طوالبة الزوج بأن يحاول، عندما يفكر في تقديم هدية إلى زوجته، أن يختار هدية واحدة قيمة، فذلك أفضل من إهدائها مجموعة كبيرة من الهدايا دفعة واحدة، لأن الزوجة تعتبر الهدية هدية واحدة، حتى وإن كانت أكثر من واحدة".
وفي هذا السياق يضيف طوالبة أنه إذا حدث وانقطع الزوج لفترة عن تقديم الهدايا، فإن الزوجة لا تنظر إلى الهدايا السابقة على أنها مجموعة هدايا، بل تنظر إليها كهدية واحدة وإن تعددت، ولذلك فهي تنتظر هدية جديدة، على خلاف الزوج الذي إذا أهدته زوجته مجموعة كبيرة من الهدايا فهي في نظره مجموعة هدايا وليس هدية واحدة.
ويعود ذلك الاختلاف في رأي طوالبة، إلى طبع وفلسفة كل طرف، ورأيه في الهدية، وإلى الطبيعة النفسية والفكرية المختلفة بين الرجل والمرأة، لذلك يجب الانتباه إلى هذه الاختلافات حتى تحقق الهدية رسالتها النبيلة.
ويؤكد طوالبة أن "الطبيعة البشرية مختلفة بين شخص وآخر، وأن عملية اختيار الهدايا مهمة حساسة ودقيقة، إذ يجب على الشخص الذي ينوي تقديم هدية أن يبذل جهدا في اختيارها، حتى يتأكد من أن هديته ستنال إعجاب الشخص الذي يتلقاها، وأنها تناسب ذوقه.
ناهيك عن أن لاختيار الهدايا معايير عديدة، ومنها عمر الشخص، وهواياته، وميوله، وثقافته، ووضعه الاجتماعي وحالته المادية".
المفضلات