تواصل شركة جوال شق طريقها بكل الوسائل والإغراءات , فرغم المعيقات الحقيقية والوهمية التي تبتدعها الشركة من حين لأخر , إلا أنها بقيت في غزة على الأقل وحيدة لا منافس لها لظروف استثنائية , لهذا السبب أضحت الشركة تقدم خدماتها السيئة والرديئة , وتمتص جيوب مشتركيها في قطاع غزة بكل هدوء وتفنن في الإغراء بالحملات البراقة والكلام المعسول .
لا أود الحديث عن تلك الخدمات الرديئة وسوء الاتصال والشبكة المشغولة طوال الوقت أو " لا يمكن الوصول " وانقطاع الاتصال بصورة مستمرة , لكن الحديث هذا المرة عن قضية أخري .
فقد ارتأت شركة جوال وضع أبراج فوق بنايات في قطاع غزة , بهدف تقوية الإرسال , بعد الضعف الذي شابها نتيجة انقطاع التيار الكهربائي المتكرر في القطاع الذي يعاني منذ صيف 2006 إلي انقطاع يومي للتيار الكهربائي , بعد القصف الصهيوني العنيف على محطة الكهرباء آنذاك.
بعيداً عن الأمراض المستقبلية الخطيرة التي تسببها الإشعاعات الضارة الناتجة عن تلك الأبراج , وإمكانية التأثير على وظائف الجسم ,وزيادة نسبة التشوهات الخلقية للمواليد, أو أمراض مسرطنة للسكان المجاورين لتلك الأبراج .
حيث انه في بريطانيا والدول الغربية المتقدمة , تضع شركات الاتصال أبراج تقوية الإرسال في مناطق خالية من السكان و أو بعيدة عنهم , وإذا ما اضطرت إلي وضعها في مناطق سكنية فإنها توزع على سكان المنطقة أجهزة طرد لهذه الإشعاعات التي تنبعث من أبراج التقوية , التي ترسل ذبذبات تشكل خطراً على الصحة العامة على حد سواء , خاصة ولأنها ( أبراج التقوية ) مستجدة , وتم اختراعها قبل عقدين من الزمن , ما جعل التكهنات بوجود أضرار مستقبلية قائمة و مقلقة , لأنها لم تخضع بعد لدراسات تكشف خطورتها , لكن المؤكد أنها ستترك أثاراً خطيرة على المخ والأذن , فإذا كان جهاز الجوال العادي والصغير يبعث إشعاعات خطيرة تتراكم في الجسد , فكيف لبرج إرسال كبير أن لا يترك أثار مدمرة ؟؟
عودة للموضوع الذي أود الوصول إليه , هو أن هناك فئة من بعض أصحاب البنايات التي يعتليها برج تقوية الإرسال , تقوم بمد البيوت المجاورة بالتيار الكهربائي في وقت انقطاعه من شركة الكهرباء حسب برنامج القطع المعروف في كل منطقة , حيث يقوم صاحب البناية بتوزيع الكهرباء على المجاورين له حسب المصالح الشخصية , أو مقابل مبلغ من المال يقدر بــ 100 شيكل شهرياً على اقل تقدير .
هذا الأمر المستفز الذي يعاني منه سكان قطاع غزة , يضع الكثير من التساؤلات في عجلة نزاهة شركة جوال, التي تغض الطرف في إهمال واضح منها بمتابعة هذه الأمور التي تضع خدماتها على المحك .
شركة جوال أصبحت متورطة في مثل هذه السرقات والشبهات , أو توزيع الكهرباء حسب المصالح , أو مقابل مبلغ من المال على حساب الآخرين الذين يكونوا عرضة فقط لخطر الإشعاعات الخطيرة الناتجة عن تلك الأبراج , وربما شركة جوال ليس لديها علم بالموضوع , مع التأكيد انه تم إبلاغ شركة جوال بهذا الأمر قبل عدة أشهر , ووعدت بالمتابعة اللفظية على اقل تقدير , رغم أن السرقة بائنة كوضوح الشمس , وبشكل لا يقبل التأويل , فالكابل الخارج من برج تقوية الإرسال وصولاً إلي البيت المستهدف يراه العيان بوضوح , وليس بحاجة إلي أجهزة وخطط لكشف وتبيان وجوده , ولكن الشركة لم تحرك ساكناً.
ولأنه يجب أن يكون هناك انتماء للواقع الاجتماعي المعيشي , بحيث لا تتكاتف عوامل القهر والإجحاف لسحق كل نبض يشير إلي النزاهة , لذا فان هذا المقال ليس ضد احد , ولا ضد شركة جوال , ولكن لان الصحافة مهمتها الرصد والمتابعة والإعلام عما يجري في كل دروب الوطن , والتبليغ عن السرقات , والمصالح الفئوية المشبوهة على الملأ , لأننا في ظروف مستجدة على واقعنا الفلسطيني والعربي بشكل عام , في ظل تنافس قوي من شركات أخري تحاول تثبيت أقدامها على الأرض , واستغلال الرمال المتحركة التي تتعثر بها شركة جوال .
فهل تترك شركة جوال نفسها فريسة سهلة لتلك الصفقات المشبوهة من بعض الذين استأمنتهم على أبراج تقوية الإرسال ..؟؟ أم أن شركة جوال كغيرها من الشركات تمارس جني الأرباح والأموال بطرق خفية ومن تحت الطاولة ؟؟ وهل سيدع المواطن حقه يضيع بين تلك المصالح الدنيئة, ويكتفي بمرضه والظلام , في حين يتمتع الآخرين المعروفين بالمال والكهرباء وأجرة المكان , عدا عن الحوافز والمكافآت ؟؟ وان كان هناك توزيع للكهرباء وجب أن يكون التوزيع عادلاً , بحيث لا يتذوق جزء منهم المال والكهرباء , والجزء الآخر المرض والقلق من المستقبل , وهو لا يملك هذا المبلغ , فمن له راتب بالكاد يكفيه وقوت أطفاله , في ظل ارتفاع الأسعار المربك ؟؟
أسئلة كثيرة واستفهامات غريبة قادرة شركة جوال على استيعابها , ووضع خطة للكشف عن تلك السرقات التي تحدث في وضح النهار و " على عينك يا تاجر " والمحافظة على كيانها من الاندثار والغبار .
فشركة جوال التي تأسست في عام 1999 كأول مشغل خلوي في فلسطين , استطاعت أن تصبح معلماً وطنياً , وخدمة تلازم كل فلسطين في الداخل والخارج , وتغطي ما نسبته 98% من خدمات الاتصال الخلوي , لتصبح جوال مالكة لأكبر حصة سوقية في فلسطين , بقاعدة مشتركين تقارب المليوني مشترك ,لا أظن أنها ستضع نفسها في تلك الزوايا الضيقة و المحرجة , أو أن تأكد الشبهات عليها لتتورط أكثر في تبديد الروح الخلاقة في الخدمات والأداء والمتابعة , وتتبدد صورة الزيتونة الشامخة في بحر الرداءة والاستغلال والمكابرة , وان تضحي بصورتها التي رسمتها في الأذهان عبر الأجيال , لتقع في نهاية المطاف في الدرك الأسفل , بسبب الإهمال وتجاهل هذه الأمور.!!
المفضلات