دمٌ وفنجان قهوة
طريق أم نهر دماء؟ من المسؤول عن توقف سحابة مطر أن تذرف عطاءها السخي على زهور أوشكت على التفتح ؟ من الذي قطع أجنحة طيور أوشكت الصعود للسماء ؟ كيف حول هذا الواقع المرير هذه الجنة الخضراء وهذا العالم المحدق بنا الذي يفيض بثراء خفي إلى عالم رمادي تعس.
وعلى جانب هذا الشريط الضيق مما يحيط بنا من آلام لا نعرف من الذي صنعها، أهو الإنسان أم القدر الذي يعلقون عليه أخطائهم ويتسترون به.
يقولون لكل بداية نهاية فلماذا يحولون بداية الغد المشرق إلى ظلمة لا نعرف متى تنتهي؟
إلى متى ستبقى هذه المركبات تحجب أشعة الشمس الذهبية من الوصول، لتحرمنا دفأها الذي حلمنا وبنينا آمالنا كي نراها؛ تمتد لتصل إلينا؟ وفجأة تأتي هذه المركبات التي هي أشبه بسحابة مطر سوداء تقذف علينا رصاصها الذي مزق قلوبنا وأطفأ شموعنا التي كانت تنير علينا طريقنا.جاءت لتخطف منا أجمل ما عشنا لأجله. ولطالما انتظرنا ساعة بساعة ودقيقة بدقيقة كي نرى شبابنا وأطفالنا يكبرون أمام أعينينا التي غمرتها دموع الأسى.
كيف استطاعت قلوبكم أن تحرم شجرة تحاول مد جذورها لتكمل طريق حياتها لتنتج ثمرا تجعلنا نتذوق حلاوة ما أنتجته؟ وكم من طالب خرج ليحصـَد نتيجة علمه ولكنه حُصد نتيجة سرعة زائدة. وكم من أب خرج ليجلب قوت أولاده ولكنه عاد إليهم جالبا لهم قوت سائق مستهتر.
وبعد ذلك كله تأتي القهوةَ في فنجان تحاكي آلام وأحزان عائلة فقدت طفلها الوحيد، الذي كان يمسك بحبل صغير أمام بيته الجميل ليكمل خطواته البريئة، وقبل آخر خطوة بريئة تأتي مركبة صغيرة لتحرمه من نهاية خطواته الأخيرة بابتسامة. ويحاكي هذا الفنجان دعوة للصحيان من سبات عميق حكم بها على شاب يصعد نحو تحقيق الأحلام . أو صدمة عنيفة لأم نقشت على قلبها صورة شجرة زيتون راسخة لابنها مدى الحياة، ولكن في وسط النهار أصبح هذا الشاب لا يمتلك من هذه الشجرة الراسخة سوى كرسي المقعدين.
من هذا الفنجان، من الرابح ومن الخاسر؟ في كل الأحوال هل سيعيد هذا الفنجان طفلا كان يساعد دمية على الحركة؟وهكذا حال الطفل الآن مثل هذه الدمية التي كان يساعدها على الحركة. وهل سيعيد الفنجان آباء وأمهات، شبابا وشابات؟وهل يستطيع أصحاب هذا الفنجان مسح دموع الأحزان؟
آه وألف آه يتمزق قلبي الحزين وتمطر عيني الدموع عندما أتألم ولا أستطيع الكلام. ولكن الآن آن الأوان للوقوف أمام هذا العدوان على الأرواح ، للوقوف على صخرة نمت حولها الأشواك وسماع طفل ينادي بصوت عالٍ على والديه النيام.
والآن شباب وشابات كبار وصغار سواء أكنا إحدى ضحايا حرب الشوارع أم كنا مسببين للآلام والأحزان فلنصرخ بأعلى صوت للوصول إلى شاطئ الأمان. وفي بداية الكلام لا أريد تخيل نفسي بين جبال خالية من السكان فلا أريد أن يرجع الكلام وكأن أحدا لم يسمع ما أقول.
أيها السائقون في كل مكان وزمان أنتم تؤتمنون على الأنفس والأرواح ، فلماذا لا تتقيدون بقوانين وشوا خص الأمان؟وعندما يكون السائق في قفص الاتهام يجعل خط دفاعه الأول هو الضحية ثم يضع الحق على الطريق،وقليلا ما يعترف السائق بخطإه وعدم تقيده بقوانين السير. أيها السائقون لماذا تتحول قلوبكم الرحيمة إلى قلوب أقسى من الحجر وأسرع من النيران المشتعلة في قيادة المركبة بسرعة مخالفة؟ لماذا لا تضعون حزام الأمان؟لماذا تقطعون الإشارة الضوئية وهي حمراء؟لماذا تخالفون القوانين والأنظمة التي وضعت لحمايتكم أولاً ولحماية عائلاتكم وأطفالكم الذين يمشون على الطرقات؟ رغم صور ترسم لنا صرخات فاجعة مؤلمة وبكاء طفل رضيع كتب له على يد أحد السائقين بأن يبقى عاجزا عن الحركة طوال حياته.ورغم كل قطرة دم تُهدر من الأبرياء، ورغم إلحاح شاب على رؤية والده الذي فقده في حادث مؤلم ورغم دموع قد ملأت الأنهار ودماء قد روت طرقا جافة. ألم ترأف قلوبكم أيها السائقون؟.
حصري لاحباب الاردن
المفضلات