هل اقترب يوم القيامة ؟ (1)
يوم القيامة هو اليوم الموعود الذي لا شك فيه، فهو موعد الحساب عند الله تعالى كما قال في كتابه العزيز:{ إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى}..[طه - 15]. فهو يوم جزاء المؤمنين الموحدين بالجنة ويوم جزاء المشركين بجهنم وبئس المصير، ويسمى بيوم القيامة لقيام الأموات فيه من موتهم، أي بعثهم وذلك لحسابهم وجزائهم.
ويؤمن المسلمون أن لهذا اليوم علامات تسبق حدوثه وتسمى بأشراط يوم الساعة أو علامات يوم القيامة، وتُقسم إلى علامات صغرى وكبرى كما أخبرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حيث روي عن أنس بن مالك في صحيح البخاري: 'لا تقوم الساعة - وإما قال:'من أشراط الساعة - أن يرفع العلم، ويظهر الجهل، ويشرب الخمر، ويظهر الزنا، ويقل الرجال، ويكثر النساء حتى يكون للخمسين امرأة القيم الواحد'.
وروي عن أبو هريرة في صحيح البخاري: 'لا تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان، فيكون بينهما مقتلة عظيمة، دعواهما واحدة. ولا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون، قريبًا من ثلاثين، كلهم يزعم أنه رسول الله'.
وفي موضوعنا هذا سنسرد لكم العلامات الصغرى ليوم القيامة والتي أشار الرسول صلى الله عليه وسلم اليها في الكثير من أحاديثه الشريفة حيث تناول العلماء تحديد تلك العلامات من زاويا مختلفة وفي الأسطر القادمة سننقل لكم ما قدمه الشيخ ندا أبو أحمد في كتابه 'الدار الاخرة - علامات الساعة الصغرى التي ظهرت وانقضت'.
1- بعثة النبي صلى الله عليه وسلم:
علامات القيامة (5)
فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن بعثته دليل وعلامة على قرب السَّاعَة، ففي رواية عند البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'بُعثت أنا والسَّاعَة كهاتين، كفضل إحداهما على الأخرى، وضم السبابة والوسطى'. أي كما تفضل إحداهما الأخرى.
ويدل على ذلك رواية الترمذي قال: 'بُعِثت أنا والسَّاعَة كهاتين - وأشار أبو داود، بالسبابة والوسطى - فما فضل إحداهما على الأخرى؟'.
ويقول الإمام القرطبي في كتابه 'التذكرة' (1/73) متحدثًا عن أشراط السَّاعَة الصغرى: أولها النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه نبي آخر الزمان، وقد بُعِثَ وليس بينه وبين القيامة نبي.
2- انشقاق القمر:
انشقاق القمر علامة على قرب السَّاعَة؛ ويدل على ذلك قوله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ }..[القمر: 1، 2].
قال النووي: 'قال القاضي: انشقاق القمر من أمهات معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم، وقد رواها عدة من الصحابة رضي الله عنهم، مع ظاهر الآية الكريمة وسياقها، قال الزجاج: وقد أنكرها بعض المبتدعة المضاهين لمخالفي الملة، وذلك لما أعمى الله قلبه، ولا إنكار للعقل فيها؛ لأن القمر مخلوق لله تعالى يفعل فيه ما يشاء، كما يفنِيه ويُكوِّره في آخر أمره...'. (شرح النووي على مسلم: 17/143).
وفي رواية البخاري ومسلم أيضاً عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: 'بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى؛ إذا انفلق القمر فلقتين، فكانت فلقة وراء الجبل، وفلقة دونه، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشهدوا'.
وعلميًا.. اكتشف علماء الفضاء أثر انشقاق القمر باقيًا إلى اليوم، وقد نقل عالم الجيولوجيا د. زغلول النجار عن داود موسى بيتكوك (رئيس الحزب الإسلامي البريطاني) أنه شاهد ندوة تلفزيونية بين معلق بريطاني وثلاثة علماء فضاء أمريكيين أنهم شاهدوا أثر انشقاق القمر من سطحه إلى جوفه إلى سطحه الآخر، أخبروا بذلك، وهم لا يعلمون أن الله تحدَّث بهذه الآية في قرآننا، وقد كانت هذه الآية سببًا في إيمان ناقل الخبر داود موسى. (نقلاً عن مجلة العالمية الكويتية. العدد 156)
3- موت النبي صلى الله عليه وسلم:
موت النبي صلى الله عليه وسلم علامة من علامات السَّاعَة ويدل على ذلك ما أخرجه البخاري عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: 'أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وهو في قبة أدم، فقال: اُعدد ستًا بين يدي السَّاعَة موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم ، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً -أي يكثر المال عند الناس ويغتنوا حتى لا يكاد الرجل يفرح إلاّ بآلاف الدنانير- ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنةٌ تكون بينكم وبين بني الأصفر ، فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غايةٍ اثنا عشر ألفاً' .
4- انتشار الأوبئة والأمراض:
فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من علامات السَّاعَة داء يصيب المسلمين فيقضي على كثير منهم، ففي الحديث الذي أخرجه البخاري عن عوف بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: 'اُعْدد ستاً بين يدي السَّاعَة - وكان من جملة الست - مُوتَان يأخذُ فيكم كقُعَاص الغنم'.
وقد وقع ذلك في بلاد الشام بعد فتح بيت المقدس(16هـ)، حيث انتشر مرض الطاعون سنة (18هـ) على المشهور في خلافة عمر رضي الله عنه، وهو المعروف بطاعون عَمَواس ومات فيه من الصحابة وغيرهم خلق كثير، بلغ عددهم قرابة خمسةٍ وعشرين ألفاً، وكان ذلك أول طاعون في الإسلام، فأخذهم كقعاص الغنم، وممَّن مات فيه من الصحابة معاذ بن جبل، وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم أجمعين.. ومات كذلك شرحبيل بن حسنة، والفضل بن العباس بن عبد المطلب وغيرهم.(انظر 'التذكرة' للقرطبي صلى الله عليه وسلم: ص667)
5- فتح بيت المقدس:
والقدس هي أورشليم كما اسمتها التوراة، وقد أسَّسَها الكنعانيون من أكثر من خمسة آلاف سنة، وكانت تسمى 'يورشالم'، وقد بشَّر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أمته بفتح المقدس، وجعل ذلك أمارة من أمارات السَّاعَة، ففي حديث عوف بن مالك رضي الله عنه السابق وفيه: 'اُعْدد ستًا بين يدي السَّاعَة: موتي، ثم فتْح بيتِ المقدس...' .
وقد تمَّ ذلك للمرة الأولى سنة 16 هـ - 636 م في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فبعد أن حاصر المسلمون المدينة طلب أهلها الصلح، واشترطوا أن يقدم عليهم عمر بن الخطاب بنفسه ليُبرِموا معه الاتفاق، فاستجاب لهم وسار إليهم، وصالحهم، وكان على رأسهم البطريرك 'صفر نيوس'، فأمَّنهم على كنائسهم وصلبانهم وأموالهم، واشترطوا عليه ألا يدخلها أحد من اليهود، فوافق وكتب لهم كتابًا بذلك، وأشهد على ذلك قادة جيشه.
وواقعيًا.. فُتِحَ بيت المقدس مرَّتين: مرة في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما مر بنا، والمرة الثانية فتحه صلاح الدين الأيوبى صلى الله عليه وسلم (عام 583 ه - 1187 م).
والمرة الثالثة آتية لا محالة، كما أخبر بذلك الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم، حتى أن الشجر والحجر ينطق قائلاً:'يا مسلم، يا عبدالله، هذا يهودي ورائي، تعالى فاقتله'
6- فتنة اقتتال المسلمين:
والفتن سنن الله في خلقه، والمقصد منها كما مر بنا: الاختبار والامتحان قال تعالى:{أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ }..[العنكبوت: 2 , 3]
وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن ظهور الفتن وكثرة القتل من أشراط السَّاعَة فقد جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:'لا تقوم السَّاعَة حتى يُقبَض العلم، وتكثُر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهَرْج - وهو: القتل القتل - حتى يكثر فيكم المال فيفيض'.
ومن الأمثلة الحالية الكثير فمنها حرب العراق والكويت و حرب اليمن و ظهور الجماعات الارهابية أمثال داعش والقاعدة والحروب الاهليه في لبنان والسودان وغيرها الكثير .
المفضلات