مادبا - هشام عزيزات - تجمهر اقرباء وأصدقاء وجيران المصاب عماد الأشقر (50 عاما)، حول سريره وامام غرفة العلاج في مستشفى النديم الحكومة في مأدبا، بعد تعرضه الى حادث سير تسبب في كسر الفخذ، ورغم طمأنة الطبيب المناوب بأن وضع المصاب لايدعو للقلق ويحتاج فقط الى (جبيرة) واستراحة على الاقل لمدة (24 ساعة)، الا ان بعض الزوار آثروا البقاء وخلق أجواء بلبلة وصراخ وفوضى، دون أدنى اعتبار للمكان الذي يتواجد فيه مرضى يحتاجون الى الراحة والهدوء.
هذا المشهد يتكرر في العديد من المستشفيات، ومن بينها مستشفى النديم الحكومي في مأدبا، في مظهر يعكس سلوكيات خاطئة ترتكب من قبل بعض المواطنين، عند زيارة المرضى او متابعة احوال مصاب نتيجة حادث سير او شجار.
حالة عماد الاشقر ليست شاذة او مسألة عابرة، فعندما تعثر الطفل اشرف البالغ من العمر (5 سنوات) فى غفلة من والدتة داخل المنزل، حمله الجيران على عجل الى المستشفى، وما هي إلا لحظات حتى «عج» قسم الطوارىء بالمرافقين والأقارب والانسباء واهل الحي الذين تجمهروا بلا مبرر امام مدخل الطوارئ.
إدارات المستشفيات والمراكز الصحية الحكوميه والخاصة والمواطنين والهيئات النقابية، تشتكي بإستمرار من ازدياد عدد مرافقي المرضى، وتعطيلهم لعمل الكوادر الصحية، ولما لذلك من ارباكات وصولا لافتعال المشاجرات والاعتداء الجسدى على الاطباء والممرضين.
ويقول مدير مستشفي النديم الحكومي الدكتور عيسى غيشان، ان كثرة المرافقين للمرضى يعيق عمل كوادر الطوارىء، مطالبا بحصره بمرافق واحد على الاكثر، مشيرا إلى ان بعض المرافقين تسببوا بمشاحنات ومشاجرات واعتداءات غير مبررة.
ويراجع مستشفى النديم الذي يخدم محافظة مادبا والاغوار وسحاب وناعور وذيبان والموقر في كل شفت من (80 -120 مريض يوميا) عدا حالات الحوادث، حسب الدكتور الغيشان.
ويؤكد المدير الاداري في مستشفى المحبة الخاص الدكتور فاخر سلايطة، ان كل الممارسات والاخطاء وحالات الفوضى التي تعاني منها المستشفيات الخاصة، يتسبب بها مرافقي المرضى، الذين يتجاوز عددهم في اغلب الاحيان من (4- 5) افراد، مؤكدا انهم يعرقلون واجبات الاطباء.
ويوضح سلايطة، ان المرافقين يخالفون التعليمات، من ناحية التدخين والجلوس لساعات طويله في غرف المرضى، وعدم الالتزام بساعات الزيارة، للإعتقاد ان وجود مريضهم في مستشفى خاص يتيح لهم زيارتة في اي وقت.
ويبين ان عدد مراجعي طوارىء «المحبه الخاص» عدا مراجعي العيادات في اليوم يتراوح ما بين (60 – 80 مريضا)، مشددا على ضرورة ان تطلق وزارة الصحة برامج توعوية وتثقيفية حول زيارة المرضى في مراكزها ومستشفياتها.
ويوضح رئيس مركز صحي مادبا الشرقي الدكتور سلمان فرحان، ان بعض المرضى يرافقهم ما يقرب من عشرة اشخاص، مشيرا ان احدى المريضات جلبت كل اسرتها من اجل الحصول على دواء واحد.
ويبين فرحان، ان عدد المراجعين للمركز شهريا يتراوح من (7- 8 الاف مراجع) بحسب ملفاتهم، لكن لم يحصل اي اشكال، لان العاملين في المركز متعاونين ، لافتا الى ان المرافقين يعيقون العمل ويربكون الاداء الطبي.
ويتفق مدير مستشفى الاميرة سلمى في ذيبان الدكتور سالم الحنيني مع زملاءه، على ان مرافقي المرضى في المستشفيات والمركز الصحيه يشكلون عبئا إضافيا ويعملون على تعطيل وإرباك عمل كوادرها، مضيفا انه لم نشهد في المستشفى اعتداءات ومشاجرات سببها المرافقون.
والملاحظ، ان أقسام الطوارىء في مستشفيات محافظة مأدبا النديم الحكومي والمحبه الخاص والاميرة سلمى في ذيبان والمراكز الصحية الخاصة والحكومية، تكاد لا تخلو من تجمعات لمرافقي المرضي سواء وصفت اوضاعهم بالعادية والمتوسطة، لكنهم يغلقون الممرات الداخلية وغرف المرضي.
و شهد اكثر من مستشفي حكومي وخاص في الاونه الاخيرة اعتداءات ومشاجرات كان احد اطرافها المرافقون، حيث جرى خلالها ضرب اطباء وممرضين وتحطيم اجهزة طبية كلفتها الالاف الدنانير، ما حدا بوزارة الصحة لاتخاذ اجراءات مششدة بحق المعتدين وكذلك نهجت نقابة الاطباء لحماية منتسبيها.
ويعتدي بعض من مرافقي المرضى على كوادر اقسام الطوارىء في المستشفيات، اما بحجة ان الطبيب يرفض منح المريض المراجع اجازة مريضه لمدة (48 ساعة) وهي ليست من صلاحيته، او الاحساس بالتقصير وسوء الخدمات التمريضية وما الى ذلك.
ويقول رئيس لجنة نقابة الاطباء في محافظة مادبا الدكتور صليبا البجالي الى «الرأي»، ان مرافقي المرضي يسببون ارباكا وفوضي في العمل، ويعطلون اجراءات الاطباء، لا سيما وان عددهم يتراوح من 5 الى 6 مرافقبن للمريض الواحد.
واضاف البجالي، انه في الاغلب يتسبب المرافقون في المشاجرات والاعتداء عللى الاطباء، ويكاد لا يمر يوم الا ويتعرض طبيب او احد الكوادر الصحية لاعتداءات جسدية يعقبها تقديم شكوى تنهيها «التدخلات العشائرية».
وفي مواجهة ذلك، فأن وزارة الصحة وفق تصريحات صحفية سابقه، تتابع مثل هذه القضايا باتخاذ كافة الاجراءات الادارية والقانونية بحق المعتدين، تمهيدا لاحالتهم الى القضاء ونيل العقاب، وبعث الطمأنينة في نفوس الاطباء والممرضين والدفاع عن كرامتهم.
ولا تتوقف حالات الارباك والفوضى التى تعاني منها المستشفيات عند حد كثرة المرافقين للمرضى واعاقتهم للاطباء، بل تتعدى ذلك إلى في بعض الحالات إلى التدخل في التشخيص والعلاج، وفق احد اطباء مستشفى خاص في مادبا، فضل عدم ذكر اسمه.
ويضيف، ان تواجد المرافقين في غرف المرضى بكثرة يشكل اكبر ضغط نفسي على المقيم، ويحول احيانا دون اجراء الفحص الدورري الصباحي بشكل دقيق، لما يتسم المشهد من تدخلات توسع من دائرة الضغط النفسي لتطال المعالجين.
علي صعيد متواز، طالب مرضى في مستشفيات خاصة بتحديد ساعات الزيارة وعدم جعلها مفتوحة بالشكل التي هي عليه الآن، اضافة لاستحداث امن خاص يحد من تواجد المرافقين و تبعات حضورهم المكثفت في مقرات المستشفى وساحاته.
المفضلات