يعتبر الماء الجارى أعظم عامل مؤثر فى تشكيل سطح الأرض ، وفى نقل نتاج التجويه من الأراضي المرتفعة إلى الأراضي المنخفضة، ومن اليابس إلى البحر . وتدين معظم الأودية فى نشأتها إلى فعل النحت المائي الرأسي والجانبي ، رغم إمكانية تعديل أشكالها بواسطة الجليد والعمليات المورفولوجيه المناخية فى مناطق هوامش الجليد . ولابد لنا أن نعرض لبعض النواحى الدنياميكية الخاص بطبيعة الجريان المائى النهرى ، حتى نتمكن من فهم عمليات النحت والنقل المائى المعقدة المركبة .
وتستطيع الانهار القيام بفعل جيومورفولوجى ، لانها تملك الطاقه لذلك .
* وتتوقف طاقه النهر River Energy على عده عوامل نجملها فى النقاط الآتية :ـ
أ ـ الجاذبيه الأرضيه :
فهى التى تسبب حركه المياه فى قناه النهر وإن آي عامل يزيد من فاعليه هذه القوه لاشك يرفع طاقه النهرى ، مثال ذلك كميه المياه فى المجرى أو في كتلتها المتحركة ، فان جمله جذب كتله مائية كبيرة تكون أعظم من جذب كتله صغيره وتبعا لذلك فإن النهر حين الفيضان يمتلك طاقه أكبر بسبب ازدياد حجم المياه ، ومن يتميز بقابلية أعظم للنقل والنحت منها أثناء التحاريق ( انخفاض منسوب المياه فى الفصل الجاف ) .
ب ـ مدى اتفاع المجرى عن مستوى قاعده التعريه :
فكلما ازداد الفرق الرأسي بينهما كلما ازدادت طاقه النهر الكامنة Potential Energy وهى الطاقة المخزونة فى المياه لأنها تشغل ، ولو مؤقتا موقعا أعلى من دفع الجاذبية الأرضية.
ج ـ درجه انحدار المجرى :
وهى مهمة للغاية لأنها تتحكم فى سرعة Velocity جريان المياه . وكلما ازدادت السرعة ، عظمت كميه الطاقة الحركية Freeorkintic Energy وهى الطاقة التي تستهلك بالفعل فى حركه المياه وحمولتها .
وهذا هو السبب فى أن الأنهار التى تجرى فى مناطق جبليه تتميز بانحدارات شديدة ، وتتغذى بكميات ضخمه من مياه الأمطار أو مياه انصهار الثلج والجليد ، وتتمكن فى بعض الأحيان من نقل كميات هائلة من الجلاميد الصخرية الكبيرة الحجم جدا بسهوله ويسر .
وتتشتت طاقه النهر الكامنه وتبتدد طاقته الحركية بواسطة الاحتكاك الذى يسبب تحولهما إلى طاقه حرارية Heat Energy ذلك الاحتكاك يبين المياه المتحركة وقاع النهر ، وهذا ما يعرف بالاحتكاك الخارجي External Friction وفى جسم النهر ذاته ، وهو ما يسمى الاحتكاك الداخلي Internal Friction .
ولقد تستهلك عمليه نحت جوانب وقاع المجرى المائي بواسطة قوه ضغط المياه وما تحمله من رواسب قسما من الطاقة المفقودة .
* العوامل المؤثرة فى استهلاك الطاقة النهرية نتيجة للاحتكاك الخارجي :ـ
وهناك عدة عوامل نؤثر فيما يستهلك من الطاقة نتيجة للاحتكاك الخارجي نجملها فيما يلي :-
1 ـ معظم الأنهار تحرك حموله قاع أو حموله جر :
وكلما تضخمت تلك الحمولة وكانت موادها أخشن ، كلما ازداد استهلاك الطاقة ، لان حركه المياه وحدها فوق الصخور تولد حرارة أقل من الحرارة الناتجة عن حركه الفتات الصخري الصلب فوق الصخر .
2 ـ شكل قناه النهر مهم للغايه :
لأنه يقرر طول خط التلامس فيما بين الماء الجارى والقاع ، وهو ما يسمى "المحيط المبلل" Wetted Perimeter الذي يبدو فى هيئه قوس يصل نقطه تلامس الماء بإحدى الضفتين مارا بالقاع إلى نقطه تلامس الماء بالضفة الأخرى . ذلك أنه بالنسبة لكميه تصريف مائي معلوم ، يزداد طول المحيط المبلل كلما كان مجرى النهر ضحلا وعريضا ، بينما يقل طول المحيط المبلل حينما يكون المجرى عميقا وضيقا . وتتحدد فاعليه مجرى النهر هنا بما يسمى نصف القطر المائى Hydraulic Radius الذى يمثل النسبة بين مساحة القطاع العرض لمياه النهر عند نقطه معينه Cross-Sectional Area وطول المحيط المبلل ، وبعمليه حسابيه بسيطة يتبين أنه كلما كبر نصف القطر المائى ( الناشئ عن صغر المحيط المبلل ) ، كان النهر أكثر فاعليه وتأثيرا . ويكون القطاع العرض للنهر نموذجيا حينما يكون نصف دائري Semicircular وحينئذ ينخفض فقدان الطاقة من الاحتكاك الخارجي إلى أدنى حد ممكن .
وحينما ندرس المجارى النهريه فى الحقل ، نجد أنها نادرا ما تصل إلى هذا الشكل النموذجى ، بل حتى لا تقترب منه . ذلك أن معظمها عريض نسبيا وقيعانها منبسطة ، وضفافها شديدة الانحدار ، بل أحيانا يصيبها النحت والتقويض السفلى . وأسباب ذلك متعددة . من ذلك أن الأنهار أثناء فيضاناتها تغزو ضفافها فتنحتها ، وبذلك توسع مجاريها ، لكن عندما يهبط منسوب المياه فيها ، لا يمكن تجديد أو تعويض المواد المنحوتة ، لان المجارى لم تعد ممتلئة بالمياه الفياضة Bank Full Staged .
وبدلا من ذلك ، يحدث الترسيب فوق قاع المجرى ، مكونا الشطوط Banks وضحاضيح Shoals . وفى الأماكن التى تتكون عندها ضفاف النهر من مواد مفككه هشه ، كالرمال والغرين النهرى ، فأن النهر يواصل توسيع مجراه بسهوله ، كما وتنشأ شطوط وجزر نهريه ، ويتشعب النهر ، وتتعدد مجاريه ، ويصبح مضفرا Braided ، ويؤدى استمرار تدهور الضفاف ونحتها واكتساح موادها إلى تكوين مجارى عريضة جدا كما وقد يهجر النهر بعض أجزاء مجراه حين يقطع إحدى ضفتيه فى أكثر من موضع . وتبدو هذه الظاهرة على نطاق واسع نسبيا فى سهول الارساب الجليدي Sandyoutwashplains أمام كثير من الأنهار الجليدية فى جبال الألب وأراضيها الأمامية حيث نجد الكثير من المجارى العريضة المضفره المعقدة . وتتكون المجارى النهري التى تتميز بنصف قطر مائي فعال نسبيا حينما تتكون ضفافها من مواد صلصالية أو حصوية متماسكة .
3 ـ حجم قناة النهر:
وهو العامل الثالث فى تقرير فاعليه النهر بالنسبة لفقدان الطاقة بالاحتكاك الخارجي . فمن الواضح أنه كلما ازداد تصريف النهر كلما ازداد المحيط المبلل طولا . ومع هذا فان نصف القطر المائي يزداد هو الآخر ، وفى بعض الأحيان يزداد زيادة كبير . وتبعا لذلك فإن استهلاك طاقه النهر بسبب الاحتكاك الخارجي تتناقص نسبيا . ومن ثم تتوافر لنهر عظيم الحجم طاقه أكبر لاستخدامها في نقل الحمولة من نهر صغير ، ويستدل على صحة هذه المقولة تلك الكميات الهائلة من المواد التي تحركها وتنقلها مياه النهر حين الفيضان . ومع هذا فإن المسألة ليست بهذه البساطة . ذلك أن الزيادة فى تصريف النهر يصاحبها عادة ازدياد فى حجم حموله القاع ، وفى هذه الحالة يشتد ساعد الاحتكاك الخارجي وكذلك النحت النهري . والواقع أنه من الخطورة بمكان محاولة التعامل مع مختلف أوجه النشاط النهري فرادى كل على حده ، ذلك لأنها مترابطة متشابكة يستحيل الفصل بينهما .
ولقد حاول بعض الكتاب حساب نسبه طاقه النهر المستهلكة فى كل مما يأتى :ــ
(أ) حركه المياه ( ب ) حركه الحمولة (ج ) عمليه النحت Corrasion وهذا ما يستحيل تحقيقه ، لان حركه الحمولة لا يمكن يحدث أن تتم بدون حركه المياه ونحت القاع النهرى Corrasion لا يحدث إلا بوجود حموله قاع متحركة .
وحينما تعود إلى مسألة فاعليه الأنهار الكبيرة ، ينبغي أن نعترف بامتلاكها قوى عظيمة لكلا من النقل والنحت ولكن ربما يكون سبب تلك القوى وجود طاقه كليه ضخمه ، انخفاض كبير فى تأثيروعورة قاع المجرى "Channel Roughness"هذا و ينبغي أن نشير إلى أن الزيادة الشاذه فى التصريف النهرى قد تؤدى أحيانا إلى نقص واضح فى فاعليه النهر ، فإذا حدث مثلا وفاض نهر من أنهار السهول ، وعلا ضفافه وتجاوزها وانتشر وتوزع فوق سهله الفيضي ، فإن طول محيطه المبلل يزداد زيادة كبيره ، مما يترتب عليه نقص شديد فى نصف قطره المائى ، مصحوبا باضمحلال واضح محسوس فى سرعة جريان مياهه . وتبعا لذلك تنخفض طاقه النهر انخفاضا ملحوظا ومن ثم يحدث إرسال حموله النهر بالضرورة . وهكذا تتضح آليه (ميكانيكيه) بناء السهول الفيضيه وتواصل نموها رأسيا بتتابع إرساب الحمولة النهرية .
4 ـ وعوره قاع المجرى :ــ Roughness Of the stream bed :
تؤثر تأثيرا شديدا فى استهلاك الطاقة بالاحتكاك الخارجي . ذلك أن استهلاك طاقه النهر يشتد حينما يزخر قاعه بالحفر الوعائية العميقة ، وبالمكاشف الصخرية الصلدة ، وتكثر به الجلاميد والكتل الصخرية الكبيرة ، كما فى حاله الأنهار الشابة بالمناطق العالية المضرسه ، بينما يقل الفاقد من طاقه النهر الذي يتميز بقاع أملس ممهد بواسطة غطاء من الرمال و الطمى . ومع هذا ، فلقد تتضاءل سرعة المجارى المائية الجبلية بتأثير وعوره قيعانها رغم جريانها فوق منحدرات شديدة ، حتى لا تكاد تزيد على سرعة جريان المياه فى أنهار السهول التي تقطع منحدرات هينه الانحدار . ويلاحظ النقص المستمر فى وعوره قيعان الأنهار بالاتجاه نحو أدانيها ، وتبعا لذلك تزداد فاعليه كلما نما وتضخم واقترب من البحر ولا شك أن تأثير وعوره القاع النهري تتضائل نسبيا بالابتعاد عن المنابع ، لأنه كلما أصبح المجرى أكثر عمقا ، كلما قلت قدره شكل القاع النهري فى إعاقة الحركة فى جسم المياه عمقا ، كلما قلت قدره شكل القاع النهري فى إعاقة الحركة فى جسم المياه الرئيسية الجارية .
* العوامل المؤثره فى استهلاك الطاقه النهريه نتيجه للاحتكاك الداخلى :ـ
هناك عده عوامل يتوقف عليها مدى فقدان الطاقة النهرية أو استهلاكها بسبب الاحتكاك الداخلي Internal Friction نجملها فيما يلي :ــ
1 ـ درجه الاضطراب المائي :
وتلاطم كتل الماء ببعضها ، وحدوث الدوامات المائية . فكلما كثر الاضطراب المائي وازدادت الدوامات تباينت واختلفت سرعات تحرك الكتل المائية المجاورة ، ونشأ ما يسمى بالقص اللزج viscous Sheat ويزداد الاضطراب المائي وحدوث الدوامات المائية في مياه الأنهار بواسطة ارتفاع سرعة جريان المياه ، وشده وعوره قاع المجرى المائي ، والتغيرات المفاجئة في اتجاه المجارى النهرية .
2 ـ مدى عظم الحموله العالقه :
فيزداد الاستهلاك أو الفقدان الداخلي للطاقة النهرية ، حينما تكون الحمولة العالقة Suspended Load كبيره لأنها تزيد من لزوجة "Viscosity" المجرى المائي ، مثلما يحدث في فترات هطول الأمطار الغزيرة والفيضان ، حينما ترد إلى النهر كميات كبيره من المواد العالقة الدقيقة أما من منحدرات الوادي المجاورة أو المنحوتة من ضفافه .
المفضلات