أوضاع الأقلية المسلمة باليونان
لا يظهر أبناء الأقلية المسلمة في منطقة ثراكي شمال اليونان الكثير من التفاؤل إزاء نتائج زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى اليونان خلال مايو/أيار الماضي، ولا بنجاحها في المساعدة في حل مشكلاتهم اليومية.
فرغم تفضيل الأقلية المسلمة للاشتراكيين على اليمين، والتقارب الأخير بين الحكومة اليونانية الاشتراكية وحكومة العدالة والتنمية التركية، يرى العديد من أبناء الأقلية أن زيارة أردوغان لم تقدم الكثير، رغم اعتقادهم أن مسيرة العلاقات بين البلدين تتجه عامة نحو الأفضل.
ويعاني المسلمون اليونانيون من مشكلات حيوية، أهمها ضعف النظام التعليمي الخاص بهم، ومشكلة ازدواجية المفتين، وهوية جمعياتهم الثقافية التي تصر على التمسك بتركيتها، ونزع الجنسية اليونانية من العديد منهم خلال فترات المشادات بين تركيا واليونان.
ويقول أبناء الأقلية إن العرف جرى على استشارتهم في تعيين المفتين، لكن الحكومة تفردت منذ تسعينيات القرن الماضي بهذا القرار مما حدا بهم إلى انتخاب مفتيين خاصين بأقليتهم في مدينتي كسانثي وكوموتيني، يحظيان بقبول شعبي من الأقلية وبدعم من تركيا، مقابل المفتي المعين من الحكومة اليونانية الذي يقوم بالمعاملات الرسمية، لكنه يعيش معزولا عن مناسبات الأقلية واجتماعاتها.
ميتسو رأى التقارب التركي اليوناني يصب في مصلحة الأقلية المسلمة (الجزيرة نت)
التقارب
وفي مقابلة مع الجزيرة نت، اعتبر جمال ميتسو-مفتي كوموتيني المعين من الدولة اليونانية- أن التقارب التركي اليوناني عموما يصب في مصلحة الأقليات، وأن دخول تركيا الاتحاد الأوروبي من مصلحة الأقلية المسلمة.
أما مسألة انتخاب المفتي من أبناء الأقلية فقد عدها مسألة سياسية، وأوضح أن المتعارف عليه في العالم الإسلامي أن يعين المفتي، وأن التقارب التركي اليوناني لن يساعد في حل هذه المسألة.
ويقول عمر جنغيز صاحب جريدة "ملت" في كسانثي للجزيرة نت إن نواب الأقلية تحدثوا عن نية الحكومة الجادة في إشراك أبناء الأقلية في النقاش الدائر حول النظام التعليمي الموجه لطلاب الأقلية وازدواجية المفتين قبل زيارة أردوغان، وهو أمر جديد يبعث على التفاؤل.
وأضاف جنغيز أن محاولات عديدة تجري لشق صفوف الأقلية وتقسيمها عرقيا إلى أتراك وبوماك وغجر، وهذه المحاولات تجد دعما من جهات قومية يونانية، حيث أنشئت جمعية للبوماك تطالب بتدريس اللغة البوماكية في مدارس الأقلية، كما تظهر من حين لآخر شخصيات تحاول خلق خلافات بين أبناء الأقلية على أساس عرقي.
مسألة الهوية
ويقول محمد، وهو أحد أبناء الأقلية الذين خسروا جنسيتهم اليونانية، إنه ولد عام 1967 في مدينة كوموتيني، ولا يزال يحتفظ بوثيقة ولادته إلى اليوم، وفي العام 1975 سافر مع والديه إلى تركيا إثر أحداث قبرص، شأن الكثير من الأسر المسلمة، حيث شطبت جنسيته اليونانية، لكن أخواته المتزوجات بقين في اليونان ولا زلن يحملن الهوية اليونانية، وهو اليوم لا يستطيع ممارسة أي عمل في اليونان.
جنغيز حذر من محاولات شق صفوف الأقلية المسلمة باليونان (الجزيرة نت)
وقال محمد -الذي يحمل الجنسية التركية- إنه لا يزال يقدم الشكاوى أمام القضاء اليوناني لاستعادة جنسيته اليونانية دون جدوى، فيما يواجه ابنه البكر المتزوج من يونانية مسلمة هذه المشكلة، رغم أنه أب لطفل عمره ثلاث سنوات يحمل هو ووالدته الجنسية اليونانية.
بيد أن ذلك لم يمنع بعض أبناء الأقلية من الاعتراف بتحسن ملحوظ من عدة سنوات وصولا إلى ما بعد التقارب الأخير بين حكومة الاشتراكيين اليونانية والعدالة والتنمية التركية.
فقد طلب اليونانيون إعادة فتح مدرسة الرهبان في هالكي بتركيا، فيما طلب أردوغان في المقابل حل مشكلة المفتين والأوقاف في اليونان على أساس انتخاب المفتين ولجان الأوقاف من أبناء الأقلية، مع احتمال نزع صلاحيات المفتي القضائية.
واتفق جميع المتحدثين للجزيرة نت على عدم أحقية المجموعات الحقوقية التي بدأت تطالب في السنوات الأخيرة بنزع صلاحيات المفتين القضائية وتحويلهم إلى مجرد مفتين يصدرون الفتاوى غير الملزمة، خاصة أن تلك المجموعات غير مسلمة وأن صلاحيات المفتين منصوص عليها في الاتفاقيات الموقعة بين اليونان وتركيا وتحدد حقوق وواجبات الأقليات.
المصدر: الجزيرة
المفضلات