عمان - سمر حدادين - ما كانت تتوقع المعلمة (حسناء) - وهو اسم مستعار - أن تكون مكافأة زوجها لها بعد أن تنازلت عن ملكية المنزل له بالطلاق، وتركها واولادها بالشارع بلا ماوى.
وتتكرر معاناة (حسناء) لدى العديد من الزوجات، اللواتي يجهلن بالقانون ولا يدركن أن تنازلهن عن أملاكهن دون ضمانات، قد يحول حياتهن إلى جحيم ويقعن بمشاكل اقتصادية لا قدرة لهن على تحملها.
وهو ما يدفع الناشطات الحقوقيات للمطالبة بإقرار نص قانوني حول المشتركة بين الأزواج، يحتم تقاسم ما تم تحصيله خلال الحياة الزوجية بينهما، حتى لا يغبن أحدهما، كما يطالبن بضرورة توعية النساء بحقوقهن القانونية حتى لا يقعن فريسة لأي خديعة.
معاناة حسناء لم تبدأ من لحظة تنازلها عن المنزل، فقد كانت بداية الحكاية منذ زواجها الذي استمر ثلاثين عاما وكانت تصر على الحفاظ على أسرتها، قضتهم معه بمرارة وقسوة، إذ كان يعاملها بحسب ما قالت «بكل أشكال العنف والإيذاء النفسي والجسدي وتحت التهديد بقتل أبنائهما الخمسة نكاية بها».
حسناء راجعت جمعية معهد تضامن النساء الأردني «تضامن» لإيجاد حل لمشكلتها ، إلا أن القانون لا يسعفها في هذه الحالة لأنها تنازلت عن منزلها بإرادتها الحرة ، ولم تستفد من تجربتها القاسية والمستمرة منذ فترة طويلة مع زوجها، فآمنت الى زوج كان يصعب الإطمئنان اليه.
وتبرر تنازلها عن المنزل الذي اشترته عبر قرض كانت تدفع ثمنه من راتبها كمعلمة في وزارة التربية والتعليم لمدة عشرين عاما، بأنها وضعت مصلحة الأولاد والحفاظ على أسرتها هدفاً لم يمنحها فرصة التفكير وإعادة النظر قبل إتخاذ قرار تنازل ستتحمل عواقبه مدى حياتها.
فهي كرست حياتها لزوجها وأولادها وأسرتها، وحافظت على بيتها من خلال مساهمتها الدائمة ومساندتها لزوجها (الذي يعمل هو الأخر في إحدى المؤسسات المالية) في مصاريف المنزل وتعليم الأولاد حتى أنهوا دراستهم الجامعية.
وسردت حسناء في شكواها سيناريو تنازلها عن المنزل، أنه بعد تقاعدها هي وزوجها ، تغيرت تصرفاته وأصبح يعاملها وأولادها بلطف لم تشهده طوال ثلاثين عاماً مضت ، وأغدق بحنانه عليها ، وأعاد لها الأمل بأن حياة سعيدة مستقرة قد تلوح في الأفق ، وأن صبرها وتحملها كل السنوات الماضية قد بدأ يأتي بثماره.
وفي غمرة الهدوء الذي يسبق العاصفة، تناقشا في وسائل تحسين أوضاعهما المادية من أجل الإستمرار في تعليم الأولاد، وإقترح عليها شراء شاحنة لزيادة دخل الأسرة، لكن العقبة أن المنزل بإسمها ، لذا أراد منها التنازل له عن المنزل لكي يتمكن من رهنه للبنك وشراء الشاحنة.
وفي ظل الأجواء الهادئة والحياة المستقرة التي رسمها الزوج، وافقت الزوجة على التنازل عن منزلها لصالح زوجها على أساس أن لا فرق بينهما ، وإشترى الشاحنة كما هو مخطط.
وتضيف «تضامن» بأنه وبعد تنازل الزوجة عن أملاكها عاد الزوج ليعاملها كما كان في السابق ، لا بل تجاوز ذلك فأصبح أكثر عنفاً وإيذاء ، الى أن كافأها بالطلاق وإخراجها من منزلها هي وأولادها ، المنزل الذي قضت سنوات في سداد قرضه ، وقضت عمرها في سبيل المحافظة على تماسكة حماية لأسرتها وحماية لأولادها.
وتشير «تضامن» الى أن معاناة هذه السيدة تتكرر لدى الكثير من الزوجات ، حيث ينتشر العنف الأسري على نطاق واسع ، وتنازل النساء عن أملاكهن قد يحول حياتهن الى جحيم ويعرضهن لمخاطر نفسية وإجتماعية وإقتصادية لا يمكن تفاديها.
وتطالب «تضامن» بتمكين النساء إقتصادياً عبر العمل والمشاركة في التنمية المستدامة ، مشددة على زيادة وعي النساء بحقوقهن وبضرورة المحافظة على المقومات الإقتصادية التي تعبر عن إستقلالهن المادي، وتحفظ لهن فرص حياة كريمة وشيخوخة آمنة مستقرة وخالية من جميع أنواع العنف والإستغلال ، ويكن قادرات على مواجهة أصعب الظروف.
المفضلات