تمثل الغيرة ظاهرة مجتمعية مألوفة لدى النساء، لكنها قد تخرج عن نطاق العادة لتصبح مرضا في بعض الحالات، كالغيرة بين السلفات (زوجات الأخوة) لتصيب العلاقات الأسرية في مقتل خطير قد يؤدي إلى تفكك العائلة وتشرذمها، حيث تدخل الأخوة في دائرة لا متناهية من القلق والتوتر مما يؤثر سلباً على الترابط العائلي.
غيرة وحقد
وتقول (أ. م) التي وقفت حائرة وهى تفكر فيما أصابها، حيث لم تنجب بعد 10سنوات من زواجها: سلفتي، وهي ابنة عمي في نفس الوقت، تنظر إليّ بمنظار الغيرة والكيد، وتعايرني بأنني لم أنجب بينما هي أم لثلاثة أطفال، كما أنها كانت تترك جميع أعمال المنزل لي وحدي بحجة أنها ستطعم أطفالها أو تنيّمهم إلى غير ذلك".
وتوضح غدير (23عاما) -وهي أم لطفلين تسكن مع سلفتها في نفس المنزل- قائلة: أغلب المشاكل بيني وبينها سببها الأطفال، فعندما يتشاجر أولادي مع أولادها تأتي لي وتقول " أولادك بدهم ترباية" وبعض الكلمات الجارحة.
وتقول الحاجة أم أحمد ( 54 عاماً ): زوجت أربعة من أبنائي في بيوت متباعدة، مثل ما بيحكي المثل "ابعد تحلى"، لا أريد للتاريخ أن يعيد نفسه، زمان فش يوم يمر إلا يسمع الجيران صوتنا ومشاكلنا فهذه تشتم وهذه تضرب" مؤكدة أن مشاكل السلفات سببها الغيرة والحماة.
وتوضح "صابرين"، أن سبب مشكلتها مع سلفتها هي في الأساس الغيرة منها لدرجة أنها تهجمت عليها وأسمعتها كلاما جارحا، قائلة: "على الطالع والنازل بتسمعني كلام بيسم البدن وأي مشكله بتصير في الدار بتحطها فيا" بحسب لفظها.
وتصادقها القول "نيرمين"، والتي أكدت أنها كانت صديقة لسلفتها في فترة الخطوبة وبعد الزواج اختلفت الأمور، مضيفة: كانت تحكي لي كل شيء وأنا أيضاً كنت أفضفض لها عن كل شيء في حياتي، إلى أن جاء يوم اختلفت فيه مع حماتي، وجلست هي وسلفتي وحكت لها كل شيء عني، الأمر الذي وسع الخلاف بيني وبين حماتي ووصل الحال بينا إلى أن تهجمنا على بعض وفزع الجيران بيننا ، ووقف زوجي حائراً بيني وبين أمه، ووصل بينا الحال إلى أن خُير زوجي من أمه " رضاي أو مرتك اختار" فطلقني زوجي وانتهت علاقتي به بسبب سلفتى".
غياب الوعي
وتؤكد سماح أهل، المرشدة التربوية في مدرسة حسن سلامة، أن قرب المسافة والاحتكاك المباشر وغياب الوعي هو ما يولد المشاكل بين السلفات، موضحة أن شخصية المرأة غالبا تكون حساسة وتتميز بالغيرة والأنانية، لانعدام الثقة بالنفس ووضعف الإيمان بالقضاء والقدر.
وأشارت أهل في حديثها إلى أن لكل إنسان ايجابياته وسلبياته "ولذلك يجب أن تكون علاقة المرأة مع الناس، وخاصة سلفتها إيجابية بقدر الإمكان". مشددة على ضرورة عدم تحمي الأم مسئولية خطأ ارتكبه طفلها ليصل الأمر إلى مشاكل كبيرة لا تحمد عقباها، بل معالجة أي خطأ بالجلوس مع الطفل وتدعيم شخصيته وتوجيهه إلى طريق الصواب.
وتابعت المرشدة التربوية قولها: يجب أن نبدأ بأنفسنا، حتى لو كانت سلفتي على خلاف، ومراعاة الظروف النفسية والاجتماعية التي تحيط بها".
المشكلة في المجتمع
وتوافقها الرأي المرشدة التربوية في مدرسة زهرة المدائن سميحة شاهين، والتي أكدت على أن المشكلة موجودة في المجتمع خاصة عند النساء غير الموظفات، وذلك لأن لديهن فراغا كبيرا في حياتهن، مبينة أن الإخوة قد يصيروا أعداء بسبب مشاكل السلفات المقيمات في نفس البيت.
وأشارت شاهين إلى أن الحماة تلعب دورا كبيرا في نشوب الخلافات بين السلفات، من خلال المقارنة بين ما تفعله كل واحدة منهن، وبالتالي تبدأ الغيرة والمشاحنات، وخاصة إذا أحبّت ابن واحدة منهن وكرهت ابن الأخرى.
ونصحت شاهين، الزوجة بأن تتحمل حماتها، وأن تجاريها وتقترب منها أكثر، موضحة أنه كلما كانت الزوجة واعية لا تحدث المشاكل لأنها ستتصرف بعقل وحكمة.
كما شددت على ضرورة أن نربى أبنائنا على الثقة بالنفس وحب الآخرين وخاصة من أهل البيت كي لا تحدث أي مشكلات مستقبلية بسبب الزوجات.
المفضلات