كـتّـــــــاب
مشاهــــد
أنا أمارس المشي كل يوم في المدينة الرياضية.. وتأتي العائلات إلى هناك لممارسة الرياضة أيضاً.
عدة مشاهد تمر في ذهنك.. منها مثلاً قيام الأبناء بتعيين الأب حارس مرمى.. واللعب في ميدان متسع وأثناء هجمة منفردة (لعبده) الابن الاصغر يقوم بقذف (الطابة) بقوة وحين يحاول الأب صدها تضربه في مكان حساس... وبالتالي يتدخل الأبناء لانعاش الاب وثمة جدل يدور في العائلة حول عبده وهل كان يقصد التسبب بالأذى..؟
ينتهي المشهد بتدخل الأم... وطرد عبده من اللعبة.
ثمة سيدة أخرى تبذل جهداً هائلاً في المشي.. ولأنها ترتدي عباءة من نوع ينتج اثناء الاحتكاك طاقة كهربائية ويلتصق بالجسم.. يتراءى لك أن هناك اسطوانة غاز تتحرك.. تحاول أن تتأمل في المشهد فتطمئن على الرصيد الوطني من الكوليسترول.
في الطرف البعيد عائلة شذّت عن السياق فجميع أفرادها يمارسون جهداً من نوع آخر وهو غسيل السيارة والمدام يبدو ان اختصاصاتها تعدت التنظيف.. فقد ضبطت في جيب السيارة (موبايل) وتبين فيما بعد ان الاب لديه جهاز تلفون خاص.. وينضم الابناء لها ويندلع التحقيق مع الاب حول هذا الجهاز.. حاولت الاقتراب أكثر وسمعت قسم الأب وهو يؤكد ان (أبو جانتي) نسيه معه.. ولكن الزوجة كانت مصرّة على انه للأب واطلقت جملة تقول: «بعرفك من يومك نسونجي..».
في الطرف البعيد.. فتاة قاصر تعلمت الحب للتو، ويبدو انها تنتظر أحداً، كانت جميلة وممشوقة.. وقررت ان اشاهد الحب الاول، ولكني صدمت حين تبين ان غرامها الاول كان سائق (تكسي) .. دار بينهما حوار داخل التكسي وحين مررت بجانبهما سمعته يشرح لها عن (العداد) يبدو ان الحب لدى سائق التكسي هو الآخر أصبح (ع العداد).
مشاهد كثيرة التقطتها.. إلاّ مشهد واحد، هو الدهون التي تراكمت على الكبد.. كنت اريد ان ارى مشهد كبدي، فقد منعني الطبيب من الخبز الأبيض واللحم.. ووضع لي برنامجاً للمشي.
كل يوم أحمل كبدي وقلبي إلى المدينة الرياضية وأمشي في زحمة المشاهد التي تثير الضحك في جانب والأسئلة في جانب آخر.. بالمقابل.. أبقى أنا من بينهم جميعاً صاحب المشهد الأكثر مأساوية.
عبدالهادي راجي المجالي
المفضلات