بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
قال المؤلف ابن الجوزي رحمه الله :
يستدل على عقل العاقل بسكوته وسكونه وخفض بصره وحركاته في أماكنها اللائقة بها ومراقبته للعواقب ، فلا تستفزه شهوة عاجلة عقباها ضرر ، وتراه ينظر في الفضاء فيتخير الأعلى والأحمد عاقبة من مطعم ومشرب وملبس وقول وفعل ، ويترك ما يخاف ضرره ويستعد لما يجوز وقوعه ، وقيل أيضا أن علامة العاقل ؛ يتواضع لمن فوقه ، ولا يزدري من دونه ، يمسك الفضل من منطقه ، يخالق الناس بأخلاقهم ، ويحتجر الإيمان فيما بينه وبين ربه عز وجل ، فهو يمشي في الدنيا بالتقية والكتمان .
يُحكى أن لقمان قال لابنه : يا بني ما يتم عقل امرئ حتى يكون فيه عشر خصال ؛ الكبر منه مأمون ، والرشد فيه مأمول ، يصيب من الدنيا القوت وفضل ماله مبذول ، التواضع أحب إليه من الشرف ، والذل أحب إليه من العز ، لا يسأم من طلب الفقه طول دهره ، ولا يتبرم من طلب الحوائج ممن قبله ، يستكثر قليل المعروف من غيره ، ويستقل كثير المعروف من نفسه ، والخصلة العاشرة التي بها مجده وأعلى ذكره ؛ أن يرى جميع أهل الدنيا خيراً منه وأنه شرهم ، وإن رأى خيراً منه سره ذلك ، وتمنى أن يلحق به ، وإن رأى شراً منه قال : لعل هذا ينجو وأهلك أنا .
وقال أيضا لأبنه : غاية الشرف والسؤدد حسن العقل ، ومن حسن عقله غطى ذلك جميع ذنوبه ، واصلح ذلك مساويه ، ورضى عنه مولاه .
وقال الملهب بن أبي صفرة : يعجبني أن أرى عقل الكريم زائداً على لسانه ، ولا يعجبني أن أرى لسانه زائداً على عقله .
من كتاب الأذكياء لإبن الجوزي
المفضلات