''طالما أن المقابل ربح مادي فلا يهم ماهية السلعة أو من هم الزبائن''... تجار يبيعون منتجات التبغ للأطفال وآخرون يبيعون السجائر بـ ''الفرط'' أي التجزئة لمن هم دون سن الثامنة عشرة غير آبهين بالمنع القانوني لهذه التصرفات أو ما قد ينتج عنها من تشجيع الصغار على التدخين. ما أن تدق أجراس المدرسة معلنه انتهاء الدوام الرسمي حتى يتجمهر الأطفال خارج أسوار المدرسة أمام الكشك المقابل لمدرستهم من أجل شراء ''السجائر'' منه خاصة وأنه المكان الوحيد الذي يبيع التبغ ومشتقاته ( بالفرط).
وبينما يلهو الصغار بعد انتهاء الدوام الرسمي ويسابق بعضهم الريح من أجل الوصول للبيت بعد يوم دراسي طويل ويحاول البعض الآخر شراء الحلويات من الكشك القريب وجد أولئك المراهقون الذين يحملون السجائر بأيديهم زاوية لهم للتدخين بعيدا عن أعين الناس من الجيران أو المدرسين بعد أن أنفقوا مصروفهم كاملا على شراء السجائر.
ويستغل بائعو التبغ بالتجزئة غياب الرقابة الحقيقية من قبل الجهات المختصة ليبيعون السجائر ''الفرط'' في النهار بل يعرضون علب السجائر وهي مفتوحة وتخرج منها أطراف السجائر لإعلام المارة بأنه يتوفر عندهم سجائر بالتجزئة للراغبين بالشراء.
ولم يفد تغليظ قانون الصحة العامة الصادر في عام 2008 العقوبة على بيع منتجات التبغ لمن هم دون سن الثامنة عشرة كما شدد على منع بيع منتجات التبغ بالتجزئة وذلك للحد من انتشارها بين الأطفال والمراهقين والذي لا يستطيع أغلبهم شراء التدخين من خلال علب كاملة ويعتبر بيعه بالتجزئة عاملا مشجعا للأطفال على التدخين .
وتنص المادة 55 من قانون الصحة العامة للعام 2008 أنه يحظر بيع أي من منتجات التبغ لمن يقل عمره عن ثمانيــة عشــر عاماً بالإضافة لحظر بيعها بالتجزئة. بالإضافة لمنع تصنيع أو استيراد أو توزيع أو بيع مقلدات منتجات التبغ بما في ذلك الحلوى والكعك والألعاب والأدوات المصنعة بشكل يشابه أيا من منتجات التبغ كما تمنع وضع ماكينات لبيع منتجات التبغ بالإضافة لمنع عرض أي من منتجــات التبغ إلا وفق نظام يصدر لهذه الغاية.
وبالرغم من تحديد المادة 63 من نفس القانون على معاقبة كل من يقوم ببيع السجائر بالتجزئة بالحبس مدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد على شهر أو بغرامة لا تقل عن خمسة عشر ديناراً ولا تزيد على خمسة وعشرين ديناراً إلا أن هناك من يزالون يبيعون السجائر للأطفال وبالتجزئة غير مكترثين للقوانين المنصوصه .
ويثير استمرار بيع التدخين للأطفال والقصر لمن هم دون سن الثامنة عشر وبالتجزئة تساؤلات حول جدوى وجود قانون الصحة العامة وآليات تنفيذه لتضع صانع القرار في دائرة صياغة التشريعات بدون أن تكون هناك آلية واضحة لتنفيذها أو حتى وجود جهة معنية لذلك.
ويعتبر الكثيرون أن بيع السجائر ومنتجات التبغ للأطفال عملا غير أخلاقي حتى في ظل غياب القوانين التي تحظر مثل هذه التصرفات كيف الحال إذن في ظل وجود قانون يحظر بيع السجائر بالتجزئة وحظره بيع منتجات التبغ لمن هم دون سن الثامنة عشر .
ولا يكترث بعض أصحاب الأكشاك أو المحال التي تبيع السجائر بالتجزئة لصحة الأطفال بل يعتبرون أن بيعها بالتجزئة هو أمر مشجع لهم على ممارسة حقوقهم بشراء السجائر ومنتجات التبغ .
ورصد منبر الرأي مجموعة من الحالات التي يبيع فيها أصحاب محال سجائر بالتجزئة لأطفال ومراهقين متذرعين أن التدخين أصبح أمرا عاديا وليس معيبا ولم تعد النظرة كالسابق لاعتباره لم يعد أمرا مستغربا بل أن التدخين أصبح جزءا من ثقافة الناس والمجتمع .
وقامت مجموعة من الصغار المتطوعين من مجموعة لينا للإبداع التربوي بالشراء من محال تيبع التبغ بالتجزئة ضاربة بالقانون عرض الحائط وغير مكترثة لأعمارهم حيث يبلغ بعضهم من العمر أقل من 15 عاما .
ولدى سؤال منبر الرأي أصحاب المحال الذين يبيعون منتجات التبغ بالتجزئة قال أحدهم أنه إن لم يبع التبغ للأطفال بالتجزئة فأن غيره سيبيعهم مشيرا إلى أن حرمانهم من شراء التبغ لن يفيد في إقناعهم بالإقلاع عنه أو تركه بل أنه سيذهب لأي مكان آخر ويقوم بشرائه منه .
وقال آخر إن بيع التبغ بالتجزئة لا يأتي من باب الربح بل هو تيسير وتسهيل على المدخنين بالإضافة لأنه يساهم في الحد من التدخين من خلال أن المدخنين لا يشترون إلا حاجتهم فقط ولا يضطرون لشراء علبة كاملة من أجل تدخين بعض السجائر.
ويقول آخر أن البيع بالتجزئة يدر ربحا أكبر من بيعه لـ ''الباكيت'' كما أنه يستقطب شريحة كبيرة من الشباب الصغار وطلاب المدارس كما أن ''الباكيت'' الواحد يباع بدينار وعشر قروش بينما في حال بيعه بالتجزئة فإنه يباع بدينارين وهو ما يشكل ربحا إضافيا يطمع به بعض أصحاب المحال.
وتقول منظمة الصحة العالمية أن التسويق للتبغ يؤدي إلى وقوع الشباب في شراك منتجاته ، التي تقتل حوالي نصف متعاطيها مشيرة في تقريرها السنوي عن التدخين أن بيع السجائر بالتجزئة يعتبر عملا مشجعا للأطفال .
وفي الوقت الذي يمنع فيه القانون بيع التبغ ومشتقاته للأطفال يصر أولياء أمور إرسال أطفالهم لشراء التبغ ما يضع صاحب المحل التجاري في موقف يصعب معه أن يغضب جيرانه وزبائنه بالامتناع عن بيع أطفالهم وهو الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى أن يفقدهم، كما أنه في حال بيعهم يكون مخالفا للقوانين ويعرض نفسه للمساءلة القانونية بالإضافة لأنه عمل مناف للأخلاق ببيع السجائر أو التبغ للأطفال .
وصادف وجود المنبر على باب أحد المحال عند دخول طفل في السادسة من عمره إلى المحل لشراء علبة سجائر ولدى اعتراض البائع ورفضه بيع الطفل حضر الوالد الجالس في السيارة المصطفة على مقربه من المحل متوترا ليبدأ مشادة كلامية مع صاحب المحل بحجة أنه لم يقم ببيع أبنه على الرغم من توقفه في مكان قريب بالسيارة ولا داعي لمنعه من الشراء طالما هو قريب .
وتمنى عدد من أصحاب المحال التجارية على الأهالي وأولياء الأمور عدم إرسال الأطفال لشراء منتجات التبغ لهم حتى لا يضعون أصحاب المحال في موقف محرج بين إرضاء الزبون وتنفيذ القانون ، بالإضافة لكونه عملا مشجعا للأطفال لشراء التبغ لهم حيث يصبح شراؤه عادة يمارسونها باستمرار وبالتالي فإنهم لن يجدوا فيها شيئا مستغربا بل أمرا روتينيا يمارسونه كل يوم .
ومن جانبه قال مدير إدارة الرعاية الصحية الأولية الدكتور عادل البلبيسي أن وزارة الصحة بصدد وضع خطة كاملة من أجل السيطرة على موضوع بيع التبغ للصغار بالإضافة لبيعه بالتجزئة إلا أن خطة مثل هذا تحتاج لمزيد من الوقت لدراستها والخروج بها بشكل متكامل .
وبين البلبيسي أن وزارة الصحة وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم تقوم حاليا برصد المحلات المجاورة للمدارس والمحتمل بيعها لسجائر عن طريق التجزئة من أجل السيطرة عليها والقيام بجولات تفتيشية ومفاجئة من أجل منعها من بيع السجائر بـ ''الفرط'' فيها.
وأشار الدكتور البلبيسي أن أي قانون يحتاج إلى وعي وإدراك بالإضافة للعوامل المعززة مثل العقوبات مبينا أن وزارة الصحة ستقوم بتوزيع منشورات على أصحاب المحال في كافة أنحاء المملكة مكتوب عليها نص القانون الذي يحظر بيع السجائر بـ ''الفرط'' بالإضافة للعقوبات التي تترتب على المخالفات مثل بيع منتجات التبغ للأحداث وإجبار أصحاب المحال التجارية على وضعها بمكان بارز في المحل
منقووووووووووول
المفضلات