[img]http://www.**********/up/uploads/images/jr-7-0f34df5861.gif[/img]
من منا لا يعشق زقزقة عصافير الحب¿ من منا لم تدهشه قدرة هذا الطائر الصغير على ابتداع أجمل الألحان¡ والانتقال من لحن لآخر وكأنه موسيقار متمكن¿ عدد من الباحثين الكنديين والألمان راحوا يبحثون عن السر وراء هذا الإبداع¡ ويتساءلون عن السبب الذي يجعل هذا الطائر الساحر يغير موسيقى ألحانه وكأنه فراشة تتنقل بين الزهور لتختار منها الأفضل. البحث عن سبب تلك الزقزقة الرائعة لم يكن عملية صعبة لأن عصفور الحب يغني ليستميل أنثاه¡ لكن ما سر ذلك التنوع في موسيقى الزقزقة¿ إنه نوع من الإغراء¡ أو كما يقول الباحث ديفيد لوغ من جامعة ليثبريدج الكندية¡ فهذا الطائر الجميل يتصرف مع الأنثى¡ تماما مثل تصرف شركات الهاتف النقال مع الزبائن. فلو أن كل الشركات قدمت العرض ذاته لكان الأمـر في منتهى البساطة قبل أن يقرر الزبون أي العروض أفضـل. لأن الأرخص هو الأفضل في هذه الحالة طالما أن المكالمات الهاتفية مؤمنة. لكن الشركات الساعية لكسب الزبون تضيف بعض الإغراءات إلى عروضها¡ مثل دقائق مجانية هنا¡ وتخفيض في الأسعار خلال عطلة نهاية الأسبوع أو أثناء ساعات الليل هناك¡ ومخابرات مجانية مع عدد محدود من الأهل أو الأصدقاء هناك.. الخ. طائر الحب يغني لأنثاه ما يعتقد أنه كفيل بإقناعها.فإذا لم يؤد الغناء غايته¡ سرعان ما يبدل اللحن بآخر¡ وهكذا. وتبدو الأمور أكثر وضوحا عندما يتواجد عدد من الذكور في مكان واحد.
فالكل يريد إغراء الأنثى التي من المؤكد تريد أن تختار الأفضل¡ طالما أن هناك أكثر من عرض وطالما أن الفرصة مواتية للاختيار. في هذه الحالة¡ كما يقول الباحث الكندي المتخصص في سلوك الطيور¡ تبدأ الذكور في عرض مهاراتها. كل منها يقدم أفضل ما لديه لإغراء الأنثى¡ التي تصبح مثل الزبون الذي يريد شراء تلفون نقال وما عليه إلا أن يختار بين العروض الكثيرة أمامه. يحتار قليلا قبل اتخاذ القرار ثم يندفع نحو الشركة التي وقع عليها اختياره. وهكذا الحال بالنسبة لطيور الحب أيضا. لكن ماذا يحدث عندما تطول حيرة الأنثى ويصعب عليها اتخاذ القرار¿ في هذه الحالة كما يقول الباحث الألماني وولفغانغ فورستماير من معهد ماكس بلانك لعلوم الطيور¡ يلجأ الذكر إلى الخداع عن طريق زقزقة «أي شيء»¡ أي لحن يجد طريقه إلى حنجرته لا يعود يهمه إرضاء الأنثى بقدر ما يهمه إبعادها عن غريمه وعدوه اللدود. وفي النهاية ستتخذ قرارها¡ وربما تتخذ القرار الخطأ فتختار المخادع والغشاش.
ويقول الباحثان الألماني والكندي في مقال مشترك تنشره المجلة الأميركية لعلوم الطبيعة في عددها الذي يصدر في شهر يوليو المقبل¡ إن حال الأنثى هنا لا يختلف عن حال شركات الهواتف النقالة. فالأولى تبحث عن العرض الأفضل أما الثانية فتبحث عن تصريف بضاعتها بغض النظر عما إذا كان الزبون قد حصل على ما يريد بالفعل أو لا. ويشرح الباحث الألماني المتخصص¡ قائلا إن هذا التفسير هو السبب الذي يدفع الذكر إلى تقليد الطيور الأكبر منه وبالتالي محاولة ابتداع ألحان جديدة¡ بل أن طير الحب¡ كثيرا ما يلجأ إلى الزقزقة حتى إذا كان وحيدا¡ وذلك بهدف ابتداع الجديد من الألحان أو التدرب على القديم الذي يختزنه لوقت الحاجة. ويضيف إن تعلم المزيد من الألحان يضع طائر الحب الذكر أمام المزيد من الخيارات.
وقد أكدت عمليات الملاحظة المتواصلة للطيور أن الذكر الذي يجيد العديد من الألحان¡ حتى ولو لم تكن ممتازة¡ يستطيع منافسة الكثيرين غيره¡ لكنه يظل عاجزا عن منافسة أصحاب الحناجر الذهبية من «المطربين الكبار» في عالم طيور الحب. وبالإضافة إلى الزقزقة كوسيلة لإغراء الأنثى¡ يمارس طير الحب الذكر الرقص حول الأنثى لاستمالتها وإبعاد الآخرين عنها. يستعرض عضلاته أمامها عن طريق نفث ريشه الملون. يحاول أن يقدم كل ما لديه¡ حتى ولو بالغش والخداع¡ من اجل كسب ودها. والسؤال الآن: من يقلد الآخر في هذا المجال الإنسان أم عصافير الحب¿!
[img]http://www.**********/up/uploads/images/jr-7-dbe1abede8.gif[/img]
المفضلات