مقالات
غزة.. تضع اسرائيل في مواجهة العالم
لا تقف اسرائيل اليوم فقط في مواجهة غزة بحصار ظالم, لكنها نتيجة ما يحدث في بحر غزة ومن حولها تقف اليوم في مواجهة العالم بسبب الحصار, فبعثات الاغاثة تتوالى على غزة في تحد واضح لسياسة الحصار والقمع والضغوط السياسية الدولية تزداد على اسرائيل لتغيير اسلوبها الفج في حصار غزة, والرأي العام في معظم عواصم العالم يضغط لادانة الحصار ومعاقبة اسرائيل على ما ترتكبه من جرائم وخرق للقوانين الدولية.
لقد نجحت اسرائيل في الماضي في مواجهة العرب كما نجحت في اخفاء جرائمها وسياساتها العدوانية بوضع العرب في مواجهة العالم, تارة بحجة الرغبة في تدمير اسرائيل أو بحجة الارهاب.
حصار غزة عكس الصورة فاسرائيل تبدو عارية ومدانة بجرائم اخلاقية وانسانية ودولية, والعالم يتحول تدريجياً لمناهضة سياساتها ومواقفها.
وكثيرون من اصدقاء اسرائيل القدامى لا يستطيعون الدفاع عنها علناً, او ايجاد مبررات منطقية لسلوكها العدواني تجاه غزة, والشارع في هذه الدول يضغط لوضع حد لجرائمها واستهتارها بالقوانين الدولية.
واسرائيل في المحصلة تعمم صورتها البشعة التي خبرها العرب ليعرفها العالم كله, وذلك جزء من تبعات التطرف الاعمى الذي يقود اسرائيل اليوم, يضاف الى ذلك خسارة علاقات استراتيجية مع دول مهمة مثل تركيا ودول اخرى لحقها الضرر نتيجة للهجوم العسكري على سفن الاغاثة الدولية.
لن تستطيع سياسة القوة منع التعاطف الدولي مع شعب غزة, او حشر سلطات غزة في خانة الارهاب, فالارهاب الاسرائيلي وبشاعته اسقط هذه الحجة, وها هي تركيا تعلن أن حماس فريق مقاومة مشروعة ومنتخبة رداً على المزاعم الاسرائيلية ولن يطول الوقت حتى تتغير الصورة في كثير من عواصم العالم.
الرباعية الدولية تحركت عبر توني بلير تطالب باسلوب آخر، يسمح بايصال البضائع لاسرائيل بيسر مع مراعاة مخاوف اسرائيل الأمنية، وواشنطن طالبت اسرائيل بتغيير المسار, واسلوب التعامل مع حصار غزة، والامم المتحدة، اعلنت ان الوضع الحالي يجب ان لا يستمر، فهل تستطيع اسرائيل مواجهة العالم، بالسياسات الحربية او تجاهل ما يحدث في العالم.
المهم ان ينتهي ذلك الى ثمن باهظ تدفعه اسرائيل من مصالحها، وعلاقاتها الدولية والتسهيلات التي تحصل عليها من دول العالم؛ ولن يحدث ذلك الا اذا بدأ العرب بأنفسهم، بانهاء جميع اشكال التعامل الاقتصادي والسياسي والتجاري مع اسرائيل؛ والضغط على الدول التي تستورد بضائع من المستوطنات الاسرائيلية، ومراجعة العلاقات التجارية والاقتصادية مع الدول التي تساند اسرائيل، وشن حملة دبلوماسية واسعة لتوضيح خطر سياسات اسرائيل على مصالح العالم في الشرق الاوسط، واقناع مصر برفع الحصار نهائياً عن معبر رفح، لأن ذلك يجعل الحصار الاسرائيلي بدون معنى، وهذا يتطلب ان تتوقف التنظيمات الاسلامية والفلسطينية عن الممارسات التي تثير مخاوف مصر الامنية.
أليست ازمة حصار غزة، وجريمة قافلة الحرية، سبباً كافياً لمراجعة العلاقات بين سلطات غزة وسلطات الضفة الغربية لتوحيد الموقف الفلسطيني، ووضع قواسم مشتركة لمواجهة الاحتلال وسياساته.
لقد نجحت اسرائيل طويلاً في جعل كلفة الاحتلال باهظة على الشعب الفلسطيني والعرب، ودور العرب والفلسطينيين ان يعكسوا المعادلة، بجعل كلفة الاحتلال والحصار المضروب على غزة, وباقي الاراضي الفلسطينية اكثر كلفة، وخسارة على الكيان الصهيوني؛ وذلك يبدأ بالتضامن وتوحيد المواقف، وتوحيد الحركة السياسية على الساحة الدولية وتأكيد مبدأ شرعية مقاومة الاحتلال ما دام قائماً، مع ابقاء الباب مشرعاً نحو السلام واقامة الدولة الفلسطينية على ارضها وفق الشريحة الدولية.
نصوح المجالي
المفضلات