مظاهر معاصره لإعلان الزواج نقل العروس بالسيارات
جرت العادة عند كثيرٍ من الناس أن يتم نقل العروس ومن أراد أن يحضر معها الحفل من أقاربها وصديقاتها من بيت والدها إلى بيت زوجها، أو بيت والد زوجها، أو إلى مكان إقامة حفل الزفاف، بواسطة مجموعة من السيارات، تكون إحدى هذه السيارات مزيّنة بالورود، وتسمى سيارة العروس .
ولقد شاع بين الناس تسمية هذا الموكب بـ قطار السيارات كما هو الحال في جنوب الأردن، لكونه يشبه القطار المكوّن من عدة قاطرات، أو تسمّى الفاردة كما هو الحال في مناطق أخرى، أو تسمّى الزفّة كما هو شائع، في أغلب مدن الأردن وقراه وأريافه.
والأصل أن نقل العروس من بيت أهلها إلى بيت الزوج على الزوج، ولمّا كانت الغاية هي نقل العروس من بيت أهلها إلى بيت زوجها، فإن نقل العروس على الدواب، أو بالسيارات، أو الدراجات، أو السفن، أو الطائرات، أو وسائل النقل بمختلف أنواعها، فهي وسائل مشروعة، لقول الله تعالى: وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ، وهذه الوسيلة مقيّدة بتحقيق الغاية، فإذا انقلبت إلى مفسدة تغيّر الحكم بناءً على دخول المفسدة دون غيرها. ومثل هذا الفعل - قطار السيارات - مباح، وان رافقته أبواق السيارات، ومما يؤيد ما ذهب إليه الباحث ما يأتي: 1- الأصل في الأشياء الإباحة حتى يثبت النهي، ولم يثبت نهي صريح في حرمة هذا الفعل.
2- إن فيه مصلحة إشهار النكاح التي ندب لها الإسلام، إذا انتفت المفسدة.
3- جرى العرف على العمل به فهذا الفعل أصبح من قبيل العرف العـام، فالثابت العرف ثابت بدليل شرعي، ولا يترتب على هذا العرف تعطيل لنص شرعي، أو أصل قطعي في الشريعة، لأن نص الشارع مقدم على العرف.
إلاّ أن القول بالإباحة ليس على إطلاقه، بل لابد من مراعاة ما يأتي: أولاً: وجوب سَتْر العروس عن أعين الرجال، سواء عند ركوبها أو نزولها من السيارة، وفي أثناء سير الموكب، حتى تدخل بيت زوجها أو مكان الحفل، لكونها تكون متزيّنة ومتعطرة، كأن يوضع عليها غطاء يغطي جميع بدنها ويسترها.
ثانياً: أن يقود السيارة التي تحملها زوجها، أو أحد محارمها، إذ أن الأصل أن الزوج هو المكلّف بنقلها إلى بيته.
ثالثاً: النظر إلى المصالح والمفاسد المترتبة على هذا الفعل: أمّا جانب المصلحة: فيتمثل في إعلان النكاح وإشهاره بين الناس، إذ ندب الشارع الحكيم إلى ذلك.
أمّا جانب المفسدة: فيتمثل في إزعاج وإيذاء الناس المارين في الشارع، لما تحدثه هذه الأصوات المرتفعة والمتزامنة مع بعضها البعض من فوضى وضجيج داخل الأحياء، ومن عرقلةٍ لحركة السير، بل إن الإزعاج يطول الكثير من المصلين داخل المساجد أيضاً، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن هذا الموكب يتزامن في العادة مع أداء صلاة المغرب.
وقد جعل العلماء أي تشويش على المصلي أو القارئ (بالكلام أو غيره) بأن أزال الخشوع من أصله مكروه، فإن زاد التشويش حرم، فقد جاء في حواشي الشـرواني: (فإن شـوّش بأن أزال الخشوع من أصله كره، فإن زاد التشويش حرم ).
فإذا لم يتحقق الإيذاء أو الإزعاج أو الإسراف، فيبقى على أصل الفعل وهو الإباحة، وان كان خلاف ذلك فيحرم.
المفضلات