[IMG]http://www.************/pic/bsm/12.gif[/IMG]
هل يعاني الاردنيون من الامراض النفسية؟ * حسين الرواشدة
هل صحيح ان نسبة كبيرة من الاردنيين تعاني من الامراض النفسية؟ هذا السؤال فجّره احد النواب اثناء مناقشة التعديلات على مشروع قانون الصحة العامة حيث اشار ، استناداً الى تصريحات ادلى بها مدير احد المراكز النفسية ، الى ان %37 من الاردنيين يعانون من امراضي نفسية ، مما دفع نائباً آخر الى المطالبة بشطب هذه العبارة من المحضر ، واعتبارها اساءة لكل الاردنيين..،
ما ذكره النائب المحترم ليس جديداً ، فقد سبق لاخصائيين معروفين في هذا المجال ان اشاروا الى النسبة تصل الى %40 ، وفي احصائيات وزارة الصحة ارتفع عدد مراجعي العيادات النفسية التابعة للوزارة عام 2004 ليصل الى 23369 مراجعاً ومراجعة ، اغلبهم من الفئة العمرية 15 - 45 سنة ، كما بلغ عدد الحالات النفسية والعقلية التي ادخلت للمركز الوطني للصحة للعام نفسه 991 حالة ، وللمركز الوطني للادمان 253 ، فيما لا يتوفر حتى الان احصائيات رسمية جديدة او اخرى دقيقة حول اعداد المراجعين لعيادات الطب النفسي في القطاع الخاص ، ويتوقع ان يكون عددهم اضعاف عدد مراجعي العيادات النفسية الحكومية.
وفي دراسة اخرى أعدها د. جمال الخطيب تبين ان %40 من مراجعي العيادات النفسية هم من الجامعيين و23% من حملة الثانوية العامة ، و48% من غير المتزوجين و47% من المتزوجين ، حيث يعاني %38 منهم من اضطرابات القلق و26% من الكآبة و14% من الفصام ، فيما تشير احصائيات رسمية اخرى الى ان عدد حالات الانتحار في الاردن تتراوح ما بين 35 - 40 سنويا اضافة الى 400 محاولة انتحار.
المرض النفسي - بالطبع - ليس شتيمة او اساءة ، فكلنا معرضون للاصابة به كما نصاب بالانفلونزا تماماً ، والمريض النفسي - بالتعريف الطبي - هو انسان يعاني من اضطراب في احد العناصر المكونة للنفس البشرية ، وهذه العناصر هي: التفكير والمزاج والانفعال والادراك ، والامراض النفسية كثيرة ، من ابرزها القلق والاكتئاب والوسواس القهري والهلع.. وغالباً ما تكون اسبابها ناتجة عن ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة ، ومع انه ثمة فرق بين المرض العقلي والمرض النفسي ، الا ان تطور حالة المريض النفسي للاسوأ يمكن ان توصله الى فقدان اتصاله بالواقع وبالتالي الاصابة بأعراض المرض العقلي ، علماً بان اعراض المرض النفسي تتجسد في نظرة المريض للامور بشكل اكتئابي وانخفاض المزاج والميل للعزلة ، وتراجع الهمة والانتاجية ، وظهور اضطرابات في النوم وفقدان للشهية ونقصان الوزن.
من الملاحظات التي يمكن اضافتها: ان اغلب الامراض النفسية منتشرة بين ابناء الطبقة الفقيرة ، والاسباب كثيرة منها: سوء التغذية والظروف الاقتصادية الصعبة ، وغياب الخصوصية (نوم الام والاب مع الاطفال مثلا) وما يترتب عليه من عقد تربوية (كما يقول د. محمود ابو دنون مدير مستشفى الامراض العقلية الاسبق) ، كما ان ثمة علاقة ما بين المرض النفسي وشيوع ظاهرة السحر والشعوذة والجن وغيره ، فمعظم الذين يعانون من هذه الامراض يتوجهون الى المشعوذين والدجالين طلباً للعلاج ، زد على ذلك العلاقة بين الادمان - بأشكاله - حيث يتحول المدمن الي مريض نفسي او الى مريض عقلي مصاب بالجنون.
من المفارقات ، ان المواطن الاردني ما زال يتوجس من الاعتراف بانه يعاني من المرض النفسي ، مع ان الاحصائيات تشير الى ان معظم الذين يراجعون للاستشفاء يتعافون سريعاً من هذا المرض ، ومن المفاوقات ايضا ان كثيراً من المرضى الذين يدخلون الى المصحات النفسية يعتقدون انهم «المهدي المنتظر» وهذه الظاهرة (الكلام للدكتور دنون) لها علاقة بالثقافة الدينية ، حيث يشعرون «بالعظمة» ، وهو نوع من الامراض النفسية ، كما ان اخرون يطالبون دائماً بفتاوى تجيز الانتحار ومعظم هؤلاء من المصابين بالاكتئاب.
لا ادري اذا كان لدى قرائنا الاعزاء اية اضافات او اعترافات ، لكنني حرصت على الالتزام بالمنهج العلمي ، بعيداً عن اية انطباعات او تأويلات شخصية ، وما اكثرها لمن يريد ان يعرف المزيد عن واقع الاردنيين ونفسيتهم هذه الايام.
[IMG]http://www.************/pic/bsm/20.gif[/IMG]
المفضلات