كتب - حاتم العبادي - حضرت قصة الطفلة لينا ابنة عامل الوطن سمير سلامة علم الدين على مأدبة غداء أقامها جلالة الملك عبدالله الثاني أمس في الديوان الملكي العامر تكريما لعمال الوطن ، إذ لاقت اهتماما واسعا.
لينا، ابنة السبعة أعوام، قررت عدم الذهاب للمدرسة الكائنة في الأزرق الشمالي منذ أسبوع تقريبا، لتتفادى كلمات تهمز بها زميلاتها تتعلق بطبيعة عمل والدها، الذي طالما كان محل افتخاره واعتزازه وكذلك زوجته وولديه.
فبالأمس، كان سمير والد فادي (17عاما) وشادي (13 عاما) ولينا (7 أعوام) واحد من (23) من عمال وطن كرمهم جلالته، بحضور (150) من زملائه من مختلف بلديات المملكة وأمانة عمان الكبرى.
فكان الرد على من يعلون ثقافة العيب، بأن والد لينا، حظي بشرف التكريم الملكي، لدوره المعطاء، الذي قدمه كعامل وطن... كما حظي بأن يكون واحدا من زملائه الذي جلسوا مع جلالة الملك على ذات « المنسف» وتبادل الحديث معه، حيث استمع الى ملاحظاتهم ومطالبهم باهتمام، ووجه المعنيين بدراستها وتنفيذها.
كما حظي هو وزملاؤه بشرف السلام على جلالة الملك، بحضور رئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت ورئيس الديوان الملكي ومستشاري جلالته ومسؤولين.
التكريم الملكي لعمال الوطن بالأمس، هو اعتراف وتقدير لجهود هذه الفئة من المواطنين المعطاءة، الذين يمتن لهم الجميع لدورهم في تجميل ونظافة بلدهم، مصداقا لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «إماطة الأذى عن الطريق صدقة».. فكيف بمن يميط الأذى من كل الطرقات، وأصحاب الفضل على الجميع في نظافة أحياء الوطن على اتساعه.
عامل الوطن..»أبو فادي» وعائلته البسيطة في الإمكانات... الكبيرة في العطاء .. عزيزوا نفس.. تطاول هاماتهم عنان السماء كجبال هذا الوطن.. قدموا نموذجا يحتذى في الانتماء لهذا الوطن بعزة نفس وكرامة ليس لها ثمن.
فمن منطقة الأزرق.. هنالك شرق الوطن... تكمن الحكاية.. التي بطلها رب أسرة حطم بإرادته ودعم أسرته كل التحديات ليوفر لقمة عيش كريمة مغموسة بعرق جبينه، الذي أضفى عليها نكهة لا أجمل ولا أروع «لقمة الحلال».
لم يتعطل أو ينتظر وظيفة مكتبية او معونة وطنية.. فشمر عن ساعديه ليبني أسرة، تقدم في تفاصيل حياتها اليومية.. حكاية مع الزمن .. تختلف حلقاتها وتتنوع.. ففي يوم تكون الحكاية جميلة وفي أخرى حزينة..إلا أن السعادة هي العنوان الأبرز لهذه الاسرة وفي اغلب أيامها.
فبعد أن أنهى عمله في أحدى الشركات التي عمل بها لمدة (15عاما)، التحق مباشرة في بلدية الأزرق الشمالي كعامل وطن، راميا وراء ظهره، كلام الناس السلبي، لأيمانه بأن العمل عبادة وان العمل ليس عيبا، وان توفير لقمة عيش حلال لأسرته، افضل من اللجوء الى الاستجداء وسؤال الناس او اللجوء على طرق غير مشروعة.
فمنذ ثلاث سنوات، يخرج كل صباح للعمل، معلنا شعار النظافة من الإيمان وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، ليقوم بمهمته كعامل وطن، الى أن ينتهي دوامه ليعود الى بيته، متحديا ظروف الحياة القاسية في سبيل حياة كريمه لأسرته.
ورغم أن الدخل الذي يتقاضاه، يكاد يكفي او يقل قليلا، لسد التزاميه، من نفقات بيته وبدل الإيجار، إلا انه يؤكد اعتزازه بعمله الشريف لتوفير لقمة العيش، بدل اللجوء الى وسائل غير مشروعة او سؤال الناس.
ويقول «انا مبسوط ومرتاح في عملي»، داعيا جميع العاطلين عن العمل، الالتحاق بأي عمل شريف يوفر لهم لقمة عيش، وان لا يتركوا فرص العمل تذهب الى العمالة الوافدة.
ويرى أن التكريم الملكي له ولزملائه اكبر رد على من يبرر تعطله عن العمل، بأسباب تتعلق بثقافة العيب، ويقول ان «تكريم جلالة الملك، منحنا دفعة لمزيد من العمل، كما ان استماع جلالته لمطالبه وزملائه، دليل اهتمام ملكي بنا».
شعور «أبو فادي» تجاه مهنته، هو ذات الشعور عند زوجته «ام فادي» التي ترى بأن «العمل جهاد، وان عمله بكرامة وعزة محل افتخار و تاج عز».
وترمي «ام فادي» وراء ظهرها، الكلام حول طبيعة عمل زوجها، مستندة الى قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «إماطة الأذى عن الطريق صدقة»، واصفة حال بيتها بأنه «مستور».
وتقول «انا فخورة بعمل زوجي، استمري لقمة العيش التي يوفرها لنا بعرق جبينه»، والتي تجسد الانتماء والحب للوطن.
وتنشغل «ام فادي» حاليا، في إقناع ابنتها لينا للعودة للمدرسة، واجدة في الحوار معها الوسيلة الأفضل لإقناعها بأن عمل والدها «شرف لنا، وليس عيبا، وان العيب ان يلجا الى وسائل غير مشروعة».
وتثمن حرص واهتمام جلالة الملك بجميع فئات المجتمع وحرص جلالته على توفير الحياة الكريمة لأبناء شعبه، وتقول ان « عطاء جلالة الملك مستمر، وان جلالته دائما يتحسس أوجاعنا، ويعمل على حلها».
بجهد والده، يلتحق «فادي» بالشركة الوطنية للتشغيل والتدريب ليتدرب على مهنة، ويحصل على راتب شهري (190) دينارا، فيما يواصل «شادي» و»لينا» دراستهما.
من حق «لينا» ان تفخر وتتباهى بوالدها وعمله الشريف وان تحمل صورة والدها وهو يصافح جلالة الملك، كوسام عز وافتخار لها ولعائلتها، تكريما لها على عطائه.
المفضلات