عمان - رهام فاخوري -قالت جلالة الملكة رانيا العبد الله «أن التعليم هو أول ضحايا الأزمات والحروب والنكبات: فعندما يطغى الخوف وتسيطر الحاجة، يفقد المرء أمنه الإنساني، ويفقد التعليم أولويته».
واضافت جلالتها خلال رعايتها أمس للاعلان الإقليمي للطبعة العربية للتقرير العالمي لرصد التعليم للجميع لعام 2011 بحضور الاميرة سمية بنت الحسن «أن ملامح الوطن العربي في تغير سريع، على المستويين القيادي والشعبي، وللأسف فإن رياح التغيير تهب أولاً على المدارس... تشل نشاطها، وتحولها إلى مبان مهجورة من طلابها وهيئاتها التدريسية؛ ومن العلم والتربية والحضارة».
وبينت ان الوقت لم يكن مناسباً أكثر لظهور مثل هذا التقرير، ليكشف عن الصلة الوثيقة بين النزاعات المسلحة والتعليم.
واشارت جلالتها الى ان «هناك أكثر من مليون طفل يمني خارج الصفوف المدرسية الإبتدائية، وأكثر من مائة ألف طفل فلسطيني خارج الصفوف المدرسية الإبتدائية، وأكثر من خمسمائة ألف طفل عراقي خارج الصفوف المدرسية الإبتدائية، فالأطفال هم أول المتضررين، وأصعب شريحة اجتماعية من حيث الوصول إليها في مناطق النزاعات».
واكدت ضرورة الحرص على ألا تزداد هذه الأرقام سوءاً في ظل التغييرات التي تشهدها بعض دولنا العربية. ونتمنى أن يعم السلام على أوطاننا والعالم أجمع. وقالت «هناك مقولة تؤكد؛ بأنك إن لم تكن تملك لنفسك هدفاً في الحياة؛ فستقع في مرمى هدف شخص آخر».
واوضحت جلالتها «انه في وطننا العربي ملايين الأطفال الواقفين في مرمى نيران أطراف بأجندات أكبر من أن تفهمها أعمارهم، لكن لا خيار لهم سوى البقاء حيث هم... فمن لم يتعلم لا خيار له، سوى أن يكونوا اما مجندون، متسولون، معنفون، مجبرون».
وقالت «هناك الملايين من الأطفال بحاجة إلى فرصة لعيش كريم، لتعليم يفتح لهم الأبواب، لتعليم يمكنهم، ليطمحوا، ويحلموا ومن ثم يصبحوا».
واوضحت «أن الأردن والحمد لله ننعم بالأمن، وأوشكنا على تحقيق، تعميم التعليم الإبتدائي، رغم قلة الإمكانيات المادية إستطعنا إدخال الأطفال النازحين إلينا من دول جوارنا إلى المدارس الإبتدائية، ونعمل الآن على تحسين نوعية التعليم ومخرجاته».
واشارت إلى «أن واجبنا أن نحرص على ألا تشل ظروفنا مستقبلنا، مهما كانت! سواء كانت إقتصادية أو أمنية أو سياسية أو غيرها. فالأمن الإنساني ليس التحرر من الخوف ومن الحاجة فحسب... بل التسلح بالتعليم لكي ننهض بعد تعثر أو ظرف قاهر، ولألا تقعدنا الحاجة وتحد من إمكانياتنا».
وقالت «قد يكون إنفاق الدول العربية من دخلها القومي على التعليم أكثر من غيرها مؤشراً واضحاً على إصرارنا على تأمين التعليم للجميع، وحرصنا على تطوير تعليمنا بحيث تتناسب مخرجاته واحتياجات السوق؛ لخفض نسب البطالة في دولنا، وبالتالي تحقيق النماء الاقتصادي».
واكدت ان «التعليم أولوية لا يفقدها النزاع ولا الأمن ولا الوضع الاقتصادي مكانتها، وهناك ملايين الأطفال العرب خارج الصفوف المدرسية؛ ولكي تكون حياتهم ملكهم وليست رهن ظروف وأجندات ونزاعات لم يختاروها لا بد أن يتعلموا، ففي القرن الحادي والعشرين: من لم يتعلم... لا خيار له، ومن لم يتعلم... لن ينعم بالأمن الإنساني».
وقالت ممثلة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» في الاردن آنا باوليني، أن المنطقة اليوم اختلفت عما كانت عليه وقت صياغة التقرير الذي ينشر لاول مرة، فالصراع الذي يدور منذ امد طويل على حدود الأردن يؤثر عليه كما يؤثر على العديد من الدول في المنطقة العربية.
واوضحت أن المنطقة العربية معروفة بالنزاعات، ولكنها منطقة يعاد كتابة تاريخها في هذه اللحظات، فان إعادة تشكيل المشهد السياسي يتيح الفرصة للتصدي للقواعد والبنى القائمة ، وتبقى الفرصة لمواجهة التحديات لإعادة البناء بصورة أفضل وازالة اوجه اللامساواة والقضاء على جوانب الظلم الناجمة عن السياسات التي تنظوي على مفارقات تاريخية متأصلة في مظاهر التحيز والجهل.
وقالت يجب أن تفتخر دول المنطقة بما تم انجازه، ومواجهة التحديات العديدة التي تنتظرنا بكل تفان وابداع ، لان النزاعات ستبقى اكبر تحديا في المنطقة.
وعرضت العضو الاستشاري في المجلس الاداري للتقرير العالمي للرصد العالمي الممثل الخاص للمنطقة العربية البروفسيرة ملاك زعلوك لمحة عامة عن الوضع في المنطقة.
وقالت أن التقرير يكشف اثر الصراعات والنزاعات، بما فيها اشكال الاحتلال المسلح وتأثيره على التعليم، كما يسلط الضوء على اهم التحديات التي تواجهنا ومسؤولياتنا نحو الملايين من الأطفال واليافعين والشباب.
وبينت أن عدد الأطفال المتسربين من المدارس في المنطقة العربية يبلغ حوالي (6) ملايين في مرحلة التعليم الابتدائي بسبب النزاعات المسلحة.
وعرضت بعض الانجازات التي حققتها المنطقة منها زيادة في نسب الالتحاق بالمدارس بمعدلات سريعة وصلت سنويا إلى (104%) سنويا، وزيادة واضحة في الإنفاق على التعليم من الدخل القومي بنسب تصل إلى (6%).
وعرض خلال حفل الإعلان فيلم عن حالات دراسية للتقرير العالمي للرصد.
وقال مدير التقرير العالمي للرصد الدكتور كيفين واتكنز انه بسبب الأوضاع التي تمر بها المنطقة أصبح من الصعب تحقيق أهداف الالفية، مطالبا المجتمع الدولي بضرورة الاستثمار بالتعليم لأنه سينعكس مباشرة على المجتمعات وتقدمها ونموها.
وحضر حفل الإعلان وزراء التربية والتعليم الدكتور تيسير النعيمي، والاوقاف عبد الرحيم العكور، والتنمية الاجتماعية سلوى الضامن، ومن خارج الاردن وزيرا التربية والتعليم المصري احمد جمال الدين موسى، والفلسطيني لميس العلمي، ومن تونس حسن العنابي: كاتب دولة لدى وزير التربية وامناء عامي وزارات التربية والتعليم .
المفضلات