في عدد واحد، من صحيفة واحدة، طالعتنا العناوين التالية:
1 - محتالون يتخصصون بخداع كبار السن للاستيلاء على أراضيهم، والحصيلة 130 مليون دينار.
2- الأطباء يواصلون الإضراب لليوم الثالث عشر، ويلوحون بتصعيد جديد.
3 - تقرير عمالي: المناطق الصناعية غير مؤهلة إلا لسلب الحريات والضرب واستعباد العمال.
4 - جمعية بيئية تعتزم مقاضاة مصفاة البترول، بحجة إنتاجها أسوأ ديزل في العالم.
5 - مكافحة الفساد تتعامل مع (399) قضية خلال العام الحالي، و(1890) خلال العام الماضي، (1758) خلال العام قبل الماضي.
6 - (10) سنوات أشغال شاقة لمتهمين اختطفا شابا، وهتكا عرضه، وأجبراه على توقيع شيكات.
7 - الاحتيال على مكتب خادمات.
8 - لصوص متخصصون بسرقة الحواسيب المحمولة.
9 - نقابة الأطباء تدين الاعتداء على أحد منتسبيها.
10 - مقتل طفل دهسا بمركبة يستقلها (3) شباب، وسط مزاعم بمحاولتهم اختطاف فتاة.
أظن أن عاقلين لن يختلفا على أن هذا التقرير الإخباري، لصحيفة يومية واحدة، في يوم واحد مرعب، فكيف إذا أضفنا إليه ما تناولته الصحف الأخرى، والمواقع الإلكترونية، وما غاب عن وسائل الإعلام؟ وكيف يكون الحال لو غطى التقرير فترة زمنية أطول، كأن تكون أسبوعا أو شهرا أو عاما؟
إن كل مسؤول في هذا البلد -ولا أعني المسؤول الحكومي فقط- مدعو إلى التأمل والتدقيق فيما يجري في وطننا، انطلاقا من المسؤولية الدينية والوطنية، فكلنا راع وكل راع مسؤول عن رعيته، وإلا فهو الغش الذي حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة).
التقرير الإخباري اليومي لإحدى الصحف الأردنية تحدث عن أشكال شتى من الفساد، فالاحتيال واستلاب حقوق المواطنين فساد، ويعظم خطره حين يستهدف فيه كبار السن، وحين تكون الضحية الأرض صنو العرض.
وحمل الأطباء على مواصلة الإضراب بسبب عدم الاستجابة لمطالبهم فيه إلحاق ضرر بالغ بالمواطنين، الذين لا تتوفر لهم الرعاية الصحية الكافية قبل الإضراب، فكيف إذا اجتمع عليهم عدم كفاية الرعاية، وتوقف الأطباء عن العمل؟
والمناطق الصناعية المسماة المؤهلة، والتي طالما حذرنا من خطورتها، ومن السياسة التي تنطلق منها، توصف اليوم بأنها غير مؤهلة إلا لسلب الحريات والضرب واستعباد العمال.
واختطاف شاب، وتدمير رجولته، ومحاولة خطف فتاة، والتسبب في دهس طفل تحت سعار الشهوة والطيش فساد أيما فساد.
والاعتداء على طبيب في ظل تتابع الاعتداءات وللمرة العاشرة في أقل من أربعة أشهر فساد.
والتخصص في سرقة المقاصف المدرسية، والحواسيب المحمولة، وصولا إلى سيارة مزارع محملة بالخضار فساد.
وإنتاج مستويات متدنية من المشتقات النفطية إلى الدرجة التي تلوث البيئة خطأ وخطر.
فماذا تقول الحكومة التي تدعي الإصلاح، وامتهنت التشنيع على دعاة الإصلاح، وحاولت شيطنتهم، في مواجهة هذه الوقائع؟ وهل ستبقى تختبئ خلف مقولة أننا أحسن حالا من غيرنا، وأننا لم نأخذ فرصتنا الكافية لتحقيق الإصلاح؟
يحكم الحاكم في وطننا العربي عشرات السنين، ثم يقول كنت أريد الإصلاح، ولكن لم يتح لي الوقت الكافي، ويتعاقب رؤساء الحكومات على مواقع السلطة المرة بعد المرة، ويتعللون بضعف الإمكانات، وبحجم التخريب الذي تسببت به الحكومات السابقة.
ونقول بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنها لأمانة، وإنها يوم القيامة لخزي وندامة، إلا من أخذها بحقها)، وبقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (والله لو عثرت بغلة في العراق لخشيت أن يسألني الله لم لم أسو لها الطريق).
ونضيف لقد آلت الخلافة إلى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، ولم يطل به المقام، حيث رحل بعد قرابة سنتين من الحكم، ولكنهما كانتا أعود بالخير من مئات السنين، حيث حملت الصدقات في طول البلاد وعرضها فلم تجد من يقبلها، حتى قيل لقد أغنى عمر بن عبدالعزيز الناس. ولم تكن الرقعة التي حكمها بحجم دولة أو دولتين من دولنا اليوم، ولكنها كانت أوسع من الوطن العربي بمجموعه.
إن المشكلة ليست في طول مدة الحكم أو الولاية، ولا في قلة الإمكانات ووفرتها، ولكنها في الإرادة الصادقة، والمنهج القويم، وعندها تصلح البلاد والعباد، ويأمن الجميع على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم، فهل من مستجيب؟؟
[/size]
المفضلات