الهوس والجنون يتملكهم، والأوهام تحاصرهم وتطاردهم وتوقف عقولهم عن التفكير السليم لتزج بهم إلى هاوية الخرافات، هذا هو حال بعض سكان قطاع غزة ممن اتخذوا من التردد على المشعوذين والسحرة نهجاً لحياتهم غير المستقرة، والتي تفتقر إلى هدوء البال وطمأنينة النفس، ليحلّ مكانها دمار وشقاق يؤول في كثير من الأحيان إلى خراب بيوت آمنة!!.."فلسطين" طرقت باب الشعوذة والسحر خلال حوارها مع د.زياد مقداد، عضو رابطة علماء فلسطين، وتعرّفت على أحكامه الشرعية، ومخاطره الإيمانية:
مجتمعات ضعيفة الإيمان
د. مقداد لمس تردد كثير من الناس في هذا الزمان على المشعوذين والسحرة، كونهم يظنون بأن الفرج يأتي منهم، أو بأنهم يعلمون الغيب، أو أنهم يمتلكون مفاتيح الخير، والسعادة، و الغني أو غيرها من الأسباب والمصالح، وهو ما يدلل على جهلهم في الدين وضعفهم في الإيمان، وعدم التعمق في العلم الشرعي وفهم قواعده ومبادئه ومقاصده.
ويرى بأن هذه الظاهرة مرتبطة بالمجتمعات الجاهلة المبتعدة عن الإيمان، مؤكداً في حكمها الإجمالي أنها محرمة جملة وتفصيلاً، والإسلام يحاربها بشتى الوسائل، لأنه دين الحق والعلم، ويريد لأتباعه أن يكونوا أبعد الناس عن الجهل والخزعبلات، مستدلاً بحديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الذي قال فيه "بأنه من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد".
وعن حكم الشرع فيمن تردد عليهم، قال:"إذا كان هذا الشخص معتقداً بما يقولون وبصحة ما يفعلون فقد كفر، لأن العلم بالغيب، وتحقيق المصالح للناس من خصائص الله عز وجل، فهو الذي يعطي ويمنع وليس لأحد كائناً من كان ذلك، فالذي يعتقد بأن هؤلاء المشعوذين هم من يغنون الناس، أو يضروهم أو ينفعوهم فقد دخل في أهم خصائص الألوهية وكفر، ولا تقبل أعماله الصالحة".
هؤلاء في الشرع..
واستطرد :"ولكن الحُكم أخف لمن تردد عليهم ولكنه ليس معتقداً بهم، فربما دفعه التسلي والفضول لذلك، وهذا الشخص ينطبق عليه الحديث الآخر الذي يبين فيه النبي أنه لا تقبل له صلاة أربعين يوماً"، معتبراً أن هؤلاء يربطون مستقبلهم ومصالحهم بالسحرة وشعوذاتهم، ويظلون يركضون خلفهم.
وبدا د.مقداد أكثر قلقاً على هؤلاء الناس المترددين على السحرة، وقال:"فهؤلاء حتى لو بقيت مساحة من الإيمان في قلوبهم فهي بالطبع ستبدأ بالتناقص، فتقلّ الطاعات وتكثر المعاصي، وهذا التردد يعد من أكبر المعاصي، ويصبح أيضا لديه خلل بالإيمان، خاصة حينما يزداد تأثيرهم عليه حيث يقتنع بخزعبلاتهم ويستسلم لما يقولون، مما يؤدي لسحب بساط الإيمان من تحته فيكون تحت خطر كبير".
مسؤولية من؟
وعن كيفية تجنب هذه الظاهرة المقلقة، أدلف إلى أنها مسئولية جماعية وفردية، والجماعية تتمثل في دور الخطباء والعلماء، بأن يبينوا خطورتها وحكمها وآثارها المدمرة للمجتمع، وبأنها تؤدي إلى تدمير العلاقة بين أبناء المجتمع المسلم، "فهؤلاء يخرّبون بين الرجل وزوجه ويقلبون الحقائق بحيث تظهر ظاهرة الشقاق بين أفراد المجتمع وهنا يتضح واجب الحكومة أيضاً كونها المسؤولة عن المجتمع واستقراره، مبيناً أن عليها واجب تتبعهم وأن تنزل عليهم العقوبات المختلفة وتمنعهم من مزاولة هذه المهنة التي يجمعون أموالاً طائلة من ورائها، وكذلك إغلاق أماكنهم.
أما المسئولية الفردية فتتمثل في الفرد نفسه، فعليه أن يعتقد أن الرازق هو الله والمانع هو الله وفقاً للدكتور مقداد، داعياً إياه للبحث عن جوانب إيمانه، وتعلّم أحكام الإسلام، وأن يرسخ مفاهيم العقيدة في نفسه، حيث الإيمان بالله أولاً، وبأسمائه وصفاته، وبأنه هو العالم والقادر فلا نافع إلا هو، ولا ضار إلا هو ولا يعلم الغيب إلا هو، فإذا آمن بهذه الأمور كانت حصناً له.
تخلصوا منها بذلك..
وبين أن التخلص من أوهام السحر والشعوذة التي تحاصر بعض الناس يتطلب منهم الإكثار من الأعمال الصالحة، وقراءة القرآن، والتعرف على حقيقة المشعوذين، وإدراك أنهم عامل فساد ويسيئون للمجتمع، داعياً الناس عامة والنساء على وجه الخصوص لتقوى الله ، وذلك لأن النساء هن الأكثر تردداً عليها بسبب كثرة الشك والوسوسة لديهن، لما يجر هذا الأمر من المآسي وتدمير حياتهن.
:522::522::522::522::522::522::522::011: :011::011::011::011::011::011::011::011:
المفضلات