هي مؤتة المجد والتاريخ ، هي مؤتة الفتح ، الذي اراده الله ورسوله ، ان تدور رحاها على ارض الاردن ، هي التربة المضمخة بالعز والكبرياء ، هي الخيل ، التي لا تعرف الا النصر ، والاقدام في ساح الوغى ، هي بوابة الفتح ، وهل يكون الفتح ، الا على ثرى الاردن.
للراية في المعارك قدسية عظيمة ، لانها مربوطة بالنصر ، وان انحنت ، فبعد ان تتخضب بدم اخر الشهداء ، فلا مجال ، ولا امكانية ان تنحني ، وفي الميدان جندي على قيد الحياة ، فلا حياة ، ان لم ترفع الراية.
عندما صاح الاردني ، بصوت ، تعجز الاسود عن مجاراته ، قائلا (سلام العلم) جملة تحرك الدماء في العروق ، ويلمع المجد كالبرق في العيون ، بالامس ، كان للجند مع الراية حكاية ، فهم ، وهم يقبضون عليها ، يقبضون على الاردن ، بكل تفان ، واخلاص ، وعهد.
بالامس ، وكوكبة مؤتة تمر من امام الملك عبدالله الثاني ، بكل مهابة الدنيا ، تذكرت مؤتة ، نعم فالدماء هي الدماء ، والراية هي الراية ، والعهد هو العهد ، ولان القسم كالسيف ، ولان الحياة مرهونة للعلم ، كانت التحية له ، بهامات ، تعانق السماء.
بالامس ، ومن على ثرى مؤتة الطاهر ، استيقظ المجد لجند عبدالله ، وهو الذي اتخذ من جباههم عنوانا ، ومن عزيمتهم موقعا ، بالامس ، اختصر الزمان مسيرته ، وكانت الدنيا لحظة واحدة ، هي (سلام العلم).
لجعفر مع الراية حكاية ، ليس لها شبيه ، على مر العصور ، جعفر في مؤتة ، كان يقاتل من اجل الله ، وارض الله ، ورسالة الله ، ولعهد قطعه مع الله ورسوله ، جعفر وقد حمل الراية في يمينه ، حتى قطعت ، فتناولتها يساره على عجل ، ولم يكن للالم في نفسه مكان.
جال في الميدان ، والراية مرفوعة في يساره وصال ، وجنود الاعداء يلاحقونه ، لان حامل الراية ، منوط به معنويات الجند ، كل الجند ، فالجيش في الميدان ، يقاتلون كالاسود ، وعيونهم على الراية.
ويشاء الله ، ان تقطع اليسرى ، لكن الفتى الهاشمي ، لم يسقط ، ولم تسقط الراية ، وكيف يسقطها ، ومنوط به مهمة عظيمة ، هي ان تبقى الراية مرفوعة ، فيحضنها بصدره ، نعم بصدره ، ولنا ان نتخيل الدماء الزكية ، وهي تنزف من الجسد الشريف ، وعيناه ترنو للراية ، ولا زالت تخفق ، بكبرياء ، وعزة.
وتخيلوا وبعد ان يصل الخبر الى القائد الاعلى للجيوش الاسلامية ، سيد البشرية ، عن حكاية جعفر ، تاتي البشرى ، ان الله استبدل الذراعين ، بجناحين في الجنة ، وايّ وسام ارقى وارفع ، واي جائزة هذه ، التي تجعل من جعفر ، طائرا في الجنة.
هنا ، ومنذ ان وطأت اقدام الهاشميين الثرى الاردني ، حرصوا على مفهوم الراية ، واهميتها ، وحتى طريقة القسم بها ، (اقسم بالله العظيم ، ان احافظ على هذا العلم ، مرفوعا عاليا) ما اروع القسم ، وما اعظم المقسوم به.
هنا ، كانت نواة الجيش العربي ، الذي انتهج العروبة ، عقيدة قتالية ، فكان عربيا في كل شيء ، وكان لخدمة العرب في كل الظروف ، هذا الجيش ، الذي دافع عن الحق العربي ، في كل الميادين ، ولم يتوانى يوما ، او يتراجع.
في الكرامة ، كان هناك اكثر من جعفر ، وكان الشهداء يتسابقون لنيل الشهادة ، فهم يعرفون ان امامهم النصر ، والنصر فقط ، ولا مجال للتراجع في الميدان ، لا سمح الله ، فسطروا الملاحم البطولية ، وكرسوا مفهوم ان الجيش العربي ، هو دائما سياج الوطن ، والمدافع عنه.
ما بين مؤتة ، واليوم ، قرون مرت ، وخلق كثير وري الثرى ، وارواح انتقلت الى بارئها ، لكن الدماء الزكية في العروق ، بقيت ، وستبقى الى ما شاء الله ، فالمبدأ الذي قاتل عليه جعفر ورفاقه ، هو المبدأ يتعلمه في كل يوم ، جيشنا العربي المصطفوي.
ايها الاردنيون ، ما اروع الجيش ، وما اجمل العسكر ، وما اهيب الراية ، واقسم اني لم ار انضباطا لجيش معاصر ، كجيش بلادي ، ولا هيبة لجنود ، كجنود بلادي ، ولا راية خفاقة ، كراية بلادي.بالامس ، وقف المدنيون مع الجند ، وهتفت الافئدة في الصدور ، نشيد القسم ، دعونا نردده مرة اخرى معا ، (اقسم بالله العظيم ، ان احافظ على هذا العلم ، مرفوعا عاليا) قسم ردده احفاد جعفر ، وقد سُمع حداؤهم ، ونداؤهم ، فارض مؤتة ، محاطة بقدسية عظيمة ، وهيبتها ، من هيبة الاجساد الطاهرة ، التي ووريت فيها.
من الجيش العربي ، من جند الاردن ، من رجال عبدالله ، من القابضين على بنادقهم وهاماتهم مرفوعة ، الى سيد ، من اسياد بني هاشم ، الى جعفر الطيار ، سلام عليكم ، ايها الاشراف ، ورحمة الله ، وبركاته.
سلام على التاج ، وحملة التاج ، والعهد ان تبقى الراية ، مرفوعة عاليا
محمود الحويان
المفضلات