هل تريدين أن يكون طفلك مهذباً؟
إن الأخلاق هى مجموعة من القواعد تنظم سلوك الإنسان، وهى ضرورية للنمو الصحى للطفل لأن الأخلاق تمنح الإنسان التحكم فى النفس وكذلك تساعده على تهذيب طبيعته المندفعة. إن الأخلاق تدفع الطفل إلى حسن التصرف عند القيام بالأنشطة المختلفة مثل الحديث، الأكل، والتعامل مع الآخرين. هذه القواعد تجعل الحياة أسهل للأطفال أثناء محاولتهم بناء مهارات بدنية واجتماعية مختلفة، بدءاً من الاشتراك فى الأنشطة الرياضية إلى القدرة على تكوين أصدقاء.
كيف توجهين سلوك طفلك؟ أولاً، من المهم أن تعرفى أن كل طفل يختلف عن الآخر فلكل طفل إمكانياته وسرعته فى التعلم، حتى أن الطفل الواحد قد يختلف رد فعله لنفس الموضوع من يوم إلى آخر تبعاً لحالته النفسية. بعض الأطفال يستوعبون القواعد الأخلاقية بسهولة ويتمسكون بها، بينما قد يستغرق ذلك بعض الوقت من أطفال آخرين. حتى التوائم يكون لكل منهم شخصيته المتفردة، ففى الفصل الذى أدرس له، لاحظت أخوين توأمين يخطف أحدهما ويشد، بينما يستمتع الآخر طوال الوقت بقول "من فضلك"، و"لو سمحت".
من الأساليب التى تساعد على توجيه سلوك الطفل هى أن يكون لديك الاستعداد لأن تشرحى لطفلك لماذا تريدينه أن يكون مهذباً. فكلما كبر طفلك وأصبح أكثر وعياً، تكون عبارة: "لأننى قلت هذا،" مبرراً ضعيفاً جداً لإقناعه بما تطلبينه منه. أن يفعل الطفل ما تطلبه أمه فقط لأنها تقول ذلك لا يصبح مبرراً كافياً له لأنه ليس سبباً. بدلاً من ذلك، حاولى أن تعرفى أطفالك أنهم عندما يكونون مهذبين، فإنك تفخرين بهم، وصدقينى كم ستكون النتيجة طيبة، فالأطفال يحتاجون للاقتناع بأن السلوك الجيد سينال التقدير.
إن جزء من مسئوليتنا ككبار هو أن نعلم أطفالنا كيف يطلبون الأشياء بأسلوب مهذب. يمكننا أن نفعل ذلك بأن نطلب دائماً من الطفل أن يقول "لو سمحت"، و"شكراً". إذا نسى طفلك وقال "أنا عايز" دون استخدام "لو سمحت"، لا تعاقبيه أو تعنفيه ولكن ببساطة لا تستجيبى لما يريد. رفضت ذات مرة طلب طفلة عندى فى الفصل بأن تشرب، فتساءلت "لكن لماذا؟" فسألتها: "لماذا تظنين أنى أرفض؟" فتذكرت سريعاً وقالت "لو سمحت"، فقلت لها "شكراً، يمكنك الآن أن تشربى." لقد حصلت على ما أرادت وتلقت مدحى أيضاً. من المهم أن يشعر الطفل أنه سينال القبول والتقدير إذا كان مهذباً فى كل ما يقوله ويفعله. تقول إحدى زميلاتى لتلاميذها: "إن الأخلاق الطيبة صديق لا نراه يجعل أفراد أسرتنا وأصدقاءنا يفخرون بنا."
بالرغم من ذلك يجب أن نكون واقعيين فى توقعاتنا لأنه من الطبيعى أن ينسى الأطفال أحياناً أسلوبهم المهذب، وعلينا أن نذكرهم به يومياً. إن العمل مع الأطفال علمنى أهمية التكرار مع الطفل حتى يلتصق بذهنه ما أحاول أن أعلمه إياه. "كيف تطلب ما تريد بطريقة مهذبة؟" أو "ماذا نسيت أن تقول؟" هما أسلوبان لتذكرة الطفل قول "لو سمحت" على سبيل المثال. تكرار نفس الكلام كأم أو أب قد يبعث على الملل أو الغضب أحياناً خاصة إذا كان طفلكما لا يستجيب لتوجيهاتكما، لكن الصبر صفة هامة جداً لابد وأن يتصف بها الأبوين عندما يرغبان فى توجيه سلوك أطفالهما، فحاولا ألا تعطيا للطفل انطباعاً بأنكما قد تعبتما من توجيهه للسلوك الجيد.
امدحى طفلك دائماً عندما يتصرف بطريقة مهذبة أو عندما يقوم بمجهود لنيل رضائك. إذا نسى السلوك السليم، حاولى البقاء هادئة وتحدثى معه على انفراد. صرخت إحدى الأمهات فى طفلها ذات مرة أثناء اجتماع فى المدرسة قائلة: "كم مرة قلت لك ألا تضايق أحداً؟" أياً كانت الأسباب، فلا تجرحى طفلك أمام الآخرين سواء غرباء، مدرسين، أو حتى جده أو جدته. إن إهانة الطفل أمام الآخرين يجعل الطفل يشعر بالأسف على نفسه وهو ما قد ينمى فيه العنف ويجعله أكثر عنداً، فهذا الأسلوب تجاه الطفل هو العدو الأول عند تعليم الطفل السلوك الجيد.
وأخيراً، أنت أهم مصدر لتعليم طفلك. إذا كنت تتكلمين وتتصرفين بطريقة مهذبة مع كل الناس بما فيهم طفلك، سيقلدك طفلك، فأنت أفضل قدوة له.
المفضلات