لو أن ما يسمى بالمجلس الأعلى للاصلاح الذي اشهرته الحركة الاسلامية الأردنية ولم تنجح في جذب أي احزاب او هيئات تمتلك حيثية شعبية الى صفوفه اكتفى في البيان الذي اصدره امس بتجديده مقاطعة الانتخابات النيابية لقلنا ان هذا الموقف هو حق كفله الدستور له رغم ما احتواه البيان من قراءة خاطئة وتوصيف غير صحيح اطلاقاً عكست ارتباكاً وتبلبلاً وعدمية واضحة اكثر مما عكست صلابة في الموقف او وجهة نظر سياسية متماسكة وعملاً سياسياً يتبع نهجاً حزبياً يقوم على فهم عميق او دقيق لقواعد اللعبة الديمقراطية.
أما ان يتنطح البيان ومن يقفون خلف صياغته للزعم بان الادارة الاميركية هي التي تقف خلف ما يزعمون انه غياب للارادة الحقيقية للاصلاح فهذه فعلاً ذروة التجديف والتناقض واللعب على الحبال والانغماس في عملية تضليل واطلاق قنابل اعلامية دخانية وصوتية لابعاد الأنظار عن الانخراط الفعلي والمشبوه الذي وقعت فيه حركات الاسلام السياسي في العالم العربي باسره وعلى رأسهم وبقيادتهم جماعة الاخوان المسلمين التي لا يستطيع احد في هذه الجماعات وحيثما يمم المرء وجهه انكار التفاهمات والصفقات التي عقدت بينهم وبين الادارة الاميركية وغير الاميركية قبل هبوب رياح الربيع العربي وبعده والشواهد على ذلك اكبر من ان تحصى اضافة بالطبع الى طمأنة الادارة الاميركية ومنذ وقت طويل وقبل وصول هذه الحركات او بعضها الى الحكم على الاهداف التي سعت اليها وهي التزام الاتفاقيات الموقعة مع اسرائيل وعدم تعريض المصالح الاميركية لأي خطر والتزام اقتصاد السوق..
فمن هم الذين يتلقون الاشارات الاميركية التي ما تزال تجد آذاناً صاغية؟
اليس هم الذين ملأوا الدنيا ضجيجاً واعلنوا الاتهامات للانظمة التي اسقطوها ثم ما لبثوا ان طبقوا سياساتها حرفياً في الداخل والخارج ولكن هذه المرة بشعارات براقة وادعاءات مفبركة وأدعية وفتاوى اكتشفت الشعوب المخدوعة انها مجرد اوهام وخزعبلات للوصول الى السلطة مع ابقاء التحالفات والمعاهدات والاتفاقات على حالها بل واخذ القروض من صندوق النقد الدولي والادعاء بان ذلك لا يتعارض والشريعة الاسلامية..
فمن الذي يزايد ومن الذي يضلل؟
حريّ بالحركة الاسلامية الأردنية ان تكون منسجمة مع نفسها وشعاراتها وان لا تعتمد على نظرية ان ذاكرة الشعوب قصيرة. صحيح ان الناس قد تسامح لكنها لا تنسى ولا تغفر لمن يخدعها..
وقد آن أوان النزول عن الشجرة العالية التي تسلقتها الحركة الاسلامية الأردنية ووجدت نفسها في ورطة كبيرة بعد ان تجاوزتها الاحداث واقبل الأردنيون على عملية التسجيل للمشاركة في الانتخابات اقتناعاً منهم ان رزمة قوانين الاصلاح التي اقرت بدءاً بالتعديلات الدستورية والهيئة المستقلة للانتخاب وقانون الاحزاب والانتخاب كافية لاحداث نقلة نوعية في تاريخنا المعاصر وان بمقدور الذين يرون في ذلك غير كاف ان يعملوا بكل الطرق المشروعة والقانونية لتمرير ما يريدون من تعديلات او اقرار مشروعات قوانين ، أما الاكتفاء بالتنظير ورفع الشعارات والمزايدة ومحاولة فرض وجهة نظرهم التي تعني تفصيل قانون انتخاب على مقاسهم فهي العدمية بحد ذاتها، عدمية سياسية وعدمية في فهم العمل الحزبي وعدمية في استيعاب مفهوم وقواعد اللعبة الديمقراطية..
يجدر بالذين يتحدثون على اشارات الادارة الاميركية ان يتلفتوا حواليهم وان يدركوا ان من بيته من زجاج لا يرمي الناس بحجارة البيانات ولغتها الخشبية..
رد مع اقتباس
المفضلات