لم يسلم الشجر والحجر والبشر من اعتداءات المستوطنين في قرية بورين جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية بعد أن أضحت مكانا مستباحا لهم يعيثون فيها فسادا وإفسادا وقتلا وتهجيرا.
ولمواجهة الأمر الواقع هذا، اعتصم مئات من أهالي القرية ومواشيهم، بمختلف أنواعها من غنم وخيل وحمير فوق أراضيهم، احتجاجا على حرق المستوطنين آلاف الدونمات (الدونم = 1000 متر مربع) من الأراضي الزراعية وأشجار الزيتون في القرية وما حولها، وعلى حرقهم كذلك مناطق الرعي الخاصة بتلك المواشي.
وطالب المعتصمون بوقف هجمات المستوطنين عليهم، وبالسماح لهم بالوصول لأرضهم ورعايتها، وبالسماح لهم برعي أغنامهم في مراعيها، في ظل حالة الغلاء المتصاعدة بأثمان الحبوب والأعلاف.
وأجمع المعتصمون الذين تحدثوا للجزيرة نت على معاناتهم مما يقولون إنها سياسة استيطان عنصرية ممنهجة ترمي لقتلهم ومواشيهم، لتسهل السيطرة على الأرض.
كل الدواب في مواجهة المستوطنين (الجزيرة نت)
خسائر بالجملة
وشكا المواطن زكريا جبر (56 عاما) من أن الاحتلال صادر أكثر من ستين ألف متر مربع من أرضه لصالح مستوطنة براخاه المقامة على أراضي القرية والقرى المجاورة، كما صادر أرض جده البالغة 250 ألف متر مربع، مشيرا إلى أنه لم يعد بإمكانه حتى الوصول للأرض لرعي أغنامه بها أو حتى زيارتها.
وكغيره من أهالي القرية، تناقصت أغنامه من ثلاثمائة رأس إلى عشرين فقط خلال السنوات القليلة الماضية، فلم يعد باستطاعته توفير طعامها من الأعلاف والحبوب "بسبب حرق المراعي والاستيطان عليها" ولا سيما بعد ارتفاع أسعارها بشكل مخيف بعد أن وصل سعر طن العلف لأكثر من أربعمائة دولار.
لكن محمد حسين لم يفقد أرضه وأغنامه التي قتلها المستوطنون وسرقوا جزءا كبيرا منها، بل فقد شقيقيه عام 1988 "في أولى المعارك والمواجهات مع المستوطنين". وازدادت مأساته أكثر عندما أحرق المستوطنون حوالي سبعمائة شجرة زيتون له ولعائلته وتركوه يتكفف الناس في موسم الزيت والزيتون.
وأضاف "لم يعد لدي سوى ثلاثين رأسا من الأغنام من أصل خمسمائة رأس"، منبها إلى أن تكلفة تربيتها ارتفعت بعد عمليات الحرق للمراعي وتقليصها عبر مصادرة الاحتلال، وأنه "حتى ما يمكن أن نزرعه من الأرض يطلق عليه المستوطنون قطعان خنازيرهم لتخريبه".
بلال عيد وهو يشير إلى منزله الذي أخلاه الاحتلال بحجة اقترابه من المستوطنين
(الجزيرة نت)
دحرا للاستيطان
من جهته قال بلال عيد، الناطق باسم اللجنة الزراعية بالقرية -وهي الجهة المنظمة للاعتصام- إن هذه الفعالية تأتي احتجاجا على تصعيد المستوطنين من اعتداءاتهم ضد مواطني القرية وحرق مئات الدونمات من أراضيهم بزيتونها ومحاصيلها من قمح وشعير وغيره.
وأكد أن قريته تتعرض لهجمات غير مسبوقة، خاصة أنها محاطة بمستوطنات ثلاث هي براخاه ويتسهار وجفعات عروساه ومعسكر للجيش، لافتا إلى أن ذلك يعني احتياجها لدعم متواصل لحمايتها وأهلها.
ودعا السلطة الفلسطينية لتقديم الدعم اللازم لصمود المواطنين والمزارعين، عبر شق الطرق الزراعية، واستصلاح الأراضي المهددة "تنفيذا للشعارات التي يرفعونها بدعم المزارع والمواطن والمناطق التي يتهددها الاستيطان".
وحسب مصادر مسؤولة فقد أحرق المستوطنون -في حملة شنوها على قرى جنوب نابلس- أكثر من 2500 دونم من الأراضي الزراعية والآلاف من أشجار الزيتون.
المصدر: الجزيرة
المفضلات