تعاني مناطق عديدة من الضفة الغربية من نقص حاد في مياه الشرب. ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى سيطرة الاحتلال على مصادرها، ثم سنوات الجفاف المتتالية التي تراجعت فيها نسبة الأمطار في كثير من المناطق.
وتظهر المشكلة جلية في مجموعة قرى وبلدات تقع جنوب الخليل، جنوب الضفة الغربية، إذ تفيد تقديرات المختصين بأن نحو 100 ألف مواطن فلسطيني، لا يحصلون سوى على خمس كمية المياه المخصصة للفرد وفق المقاييس الدولية، فيما يعاني نصف هؤلاء من انعدام شبكات المياه.
ويوضح رئيس قسم المياه في بلدية دورا جنوب الخليل نبيل العتال أن حصة الفرد في البلدة لا تزيد على 28 لترا في اليوم، أي ما يقارب خمس الكمية التي حددتها منظمة الصحة العالمية للفرد والبالغة 150 لترا للفرد في اليوم.
رئيس سلطة المياه شداد العتيلي (الجزيرة نت)
أسباب الأزمة
وعزا العتال سبب الأزمة إلى سيطرة الاحتلال على مصادر المياه وسرقة آلاف الأمتار المكعبة من شبكات سلطة المياه الفلسطينية يوميا، والخلل الإداري المتعلق بعدم القدرة على توزيع الكميات المتوفرة منها بعدالة يشكل جزءا من المشكلة. مشيرا إلى وصول 3000 كوب (متر مكعب) يوميا إلى خزان المياه الرئيس بدلا من 15 ألف كوب لمجموعة قرى تعاني شح المياه.
وذكر العتال جملة مشاكل متعلقة بالقائمين على توزيع المياه من خلال الشبكة الوطنية، منها تلف بعض المضخات الأمر الذي يتطلب توفير قطع الغيار المطابقة للمواصفات من بلد المنشأ، وقد يستغرق عدة أسابيع أو أشهر.
وأضاف العتال أن عدم تطابق المواصفات لمحطات الضخ المقدمة من الدول والمؤسسات المانحة "مما يحول دون إمكانية استخدام قطع غيار احتياطية لجميع الآبار، وعدم القدرة على توصيل المياه لمستحقيها بفاعلية وكفاءة".
شبكات المياه "
وأوضح أبو شرار أن الفرد جنوب الخليل يحصل على نحو 25 لترا في اليوم، والحديث يدور فقط عن الكميات المخصصة للاستخدام المنزلي، وليس للاستخدام الزراعي أو الصناعي، مؤكدا تراجع القطاعين الأخيرين بشكل كبير بسبب هذه المشكلة واستمرارها
"
وقال رئيس مجلس الخدمات المشترك لقرى جنوب دورا وليد أبو شرار إن نصف القرى التي تتبع المجلس، وعددها 19 قرية وبلدة تفتقد لشبكات المياه، مما يجبر السكان على شراء صهاريج نقل تستوعب 10 أمتار مكعبة، وبأثمان باهظة قد تصل إلى سبعة دولارات للكوب الواحد (متر مكعب)، وهو ما يعادل أجرة نصف يوم لموظف متوسط الدخل.
وأوضح أبو شرار أن الفرد جنوب الخليل يحصل على نحو 25 لترا في اليوم، والحديث يدور فقط عن الكميات المخصصة للاستخدام المنزلي، وليس للاستخدام الزراعي أو الصناعي، مؤكدا تراجع القطاعين الأخيرين بشكل كبير بسبب هذه المشكلة واستمرارها.
وذكر أبو شرار أن السلطة الفلسطينية تُشغَل فعليا ثلاث آبار مياه من أصل 13 بئرا في محافظة الخليل، وأوضح أن مصادر سلطة المياه تؤكد تكرار تعطّل المضخات التي يستغرق إصلاحها شهورا في بعض الأوقات.
البلديات والمجالس
وقال أبو شرار إن نحو 100 ألف نسمة يسكنون جنوب الخليل يعتمدون على خزان مياه واحد، مشيرا إلى اضطرار البلديات والمجالس المحلية إلى توزيع المياه بشكل دوري على الأحياء، وقد تستغرق كل دورة ثلاثة أشهر في بعض القرى حتى تعود لنفس الحي عدة ساعات.
وأقر رئيس سلطة المياه الفلسطينية شداد العتيلي بوجود المشكلة، لكنه أعادها إلى تراجع كميات المياه, التي يفترض أن تحصل عليها السلطة الفلسطينية من إسرائيل وفق اتفاق أوسلو.
وقال العتيلي إن مجموع ما تحصل عليه السلطة من مياه الآبار ومن المياه المشتراة من شركة المياه الإسرائيلية لا تزيد على 150 مليون متر مكعب في السنة، بدلا من 200 مليون متر مكعب سنويا.
اتفاق أوسلو
وأضاف العتيلي أن إسرائيل قللت كميات المياه المخصصة للسلطة وفق اتفاق أوسلو، وفي الوقت نفسه تزايد عدد السكان بشكل كبير, مما جعل معدل ما يحصل عليه الفرد في محافظة الخليل لا يتجاوز نصف الكمية التي تطلبها منظمة الصحة العالمية.
وقال العتيلي إن هناك جملة أسباب أخرى لأزمة المياه، بينها السرقة والتعديات التي زادت على 15 ألف كوب في محافظة الخليل يوميا، مما يتسبب في حرمان مناطق أخرى من حقها.
وأوضح العتيلي أن سلطة المياه الفلسطينية تنفذ مجموعة مشاريع في ريف
جنوب الضفة، لكن الجانب الإسرائيلي لا يسمح بحفر أي بئر في الحوض الغربي, مشيرا إلى وقف بعض التعديات ما أدى إلى تحسن طفيف دون أن تحل المشكلة بالكامل.
المصدر: الجزيرة
المفضلات