قرأت لك .. ( فاتن حمامة ) تكتب !
قبل اكثر من نصف قرن كتبت سيدة الشاشة العربية الفنانة (فاتن حمامة) مقالا في احدى المجلات الفنية المصرية لم تتحدث فيه عن الفن.. انما تحدثت عن موضوع انساني اجتماعي حيث تطرقت الى أمر الجد والمثابرة والحظ والقدر من حياة الناس.. والمقال يدعو الى التوقف والتأمل حقا: يختلف الناس في نظرتهم الى موضوع الحظ او البخت كما يقولون.. فبعضهم يرى ان الجد والاجتهاد هما مفتاح النجاح والوصول الى المجد والشهرة.. وبعضهم الآخر يعتقد ان البخت وحده هو الذي بيده كل شيء يرفع ويخفض ويعز ويذل.. وأنا من رأي هذا البعض الآخر.. واليكم قصتان واقعيتان حول ذلك: كنت وزوجي نصلح سيارتنا في ورشة ميكانيكية كبيرة يشتغل بها اكثر من مائة عامل.. ودفعنا أجرة التصليح وتسلمنا السيارة، وقال لي زوجي أثناء انصرافنا: تعرفي حكاية الراجل صاحب الورشة دي ايه يا فاتن؟! فقلت له : أبدا!! فقال'' ده تخرج هو وأخوه الأصغر من كلية الهندسة في سنة واحدة وكان أخوه من النوابغ المتقدمين فرفض الاشتغال في الحكومة وفتح محلا صغيرا لتصليح السيارات.. اما الأخ الأكبر فقنع بالاشتغال من هذه الورشة وكان صاحبها رجلا المانيا، وفي اوائل أيام الحرب الماضية كتب الألماني ورشته باسم هذا المهندس بطريقة البيع الصوريّ ثم اختفى ولم يظهر له أثر الى اليوم.
وبذلك استولى صاحبنا على الورشة بلا جهد ولا عناء، وفي هذه الأثناء فلّس الأخ النابغة فأغلق محله الصغير ولم يجد أمامه الا ان يشتغل عند اخيه مهندسا أجيرا وهو الذي كان يشرف على اصلاح سيارتنا.
وقلت وأنا أضرب كفا على كف: صحيح قيراط بخت ولا فدان شطارة. ومنذ أسابيع زارتني صديقة عزيزة وهي انسانة مثقفة تشغل مركزا حكوميا لا بأس به وجرى الحديث بيننا فاعترفت لي صديقتي بضيقها بهذه الحياة التي اصبحت تمقتها وتفضل عليها الموت وقالت: - انت تعرفين انني نشأت طموحة كبيرة الآمال.. وقد جاهدت في دراستي حتى ظفرت بشهادتي الجامعية وظللت انتظر تحقيق الشطر الهام من امنياتي بالزواج من رجل عظيم ممتاز.. ثم التحقت اخيرا بوظيفتي الحالية.
- ولي شقيقة تكبرني وليس لها شيء من صفاتي، فقد رضيت بالجهل فلم تتعلم ولم تدرس واطمأنت للخمول والكسل فلم تغادر البيت.. ومع ذلك فقد أتاها الحظ المدهش.. فظفرت بزوج ممتاز ثري يشغل مركزا ممتازا في الهيئة الاجتماعية.. والعجيب في الأمر انه كان يتردد على عائلتنا لمعرفته بي.
ومع ذلك فها أنا حتى الآن حائرة تعسة لم التق بعد بالزوج المنشود، وربما لن التقي به بعد ان ذبل جمالي وارهقني الجهاد والقيام بالعمل.. لقد اصبحت اتمنى ان يتقدم لخطبتي رجل معقول حتى ولى كان موظفا في الدرجة السابعة او الثامنة.
وهنا لم يسعني الا ان اطيّب خاطر الصديقة العزيزة واشجعها ثم ارى في مشكلتها ما يدعوني للايمان بالحظ والبخت والقدر.. وعندي حق.
الفنانة فاتن حمامة .. ولقطة من افلامها الاولى
المفضلات