ثمانون مليار سيجارة يدخنها نحو 13 مليون مصري سنويا، إضافة إلى 46.7 ألف طن معسل، فضلا عن نحو نصف مليون مدخن في سن الـ15، ونحو 73 ألف مدخن في سن العاشرة، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
أما الواردات المصرية من التبغ في عام 2007/2008 فبلغت نحو 60.7 مليون جنيه، بينما بلغت الصادرات المصرية في نفس العام من التبغ نحو 7.2 ملايين جنيه.
ويذهب الخبراء إلى أن حجم الإنفاق على علاج الأمراض الناتجة عن التدخين في مصر يصل لنحو ثلاثة مليارات جنيه سنويا.
ومع ذلك وجهت الشركة الشرقية للدخان بمصر 5.4 مليارات جنيه لإنشاء مجمعها الصناعي بأحد المدن الصناعية الجديدة. وقد أنجزت الشركة 80% من أعمال مجمعها الصناعي.
والمعلوم أن هذه الشركة تسيطر الدولة على 80% من رأسمالها، وطرحت نسبة 20% منها في البورصة.
كما تبين الإحصاءات أن عدد العاملين في هذه الصناعة بمصر يبلغ 15 ألف فرد يمثل الذكور منهم نسبة 85.3% والإناث 14.7%.
استثمار خاطئ
وفي تعليقه على هذه البيانات، يرى عضو لجنة الخطة والموازنة في البرلمان المصري أشرف بدر الدين أن هذا الأمر غير مقبول حسب المعايير الاقتصادية والإنسانية والإسلامية، لما للتدخين من أضرار حسم الطب مدى جسامتها وخطورتها على صحة الإنسان.
ويقول بدر الدين إن نواب المعارضة وجهوا الكثير من الانتقادات للحكومة عبر الآليات البرلمانية، أثناء توجه رئيس الوزراء لوضع حجر الأساس للمشروع، من زاوية أنه كيف توجه الأموال لهذه الاستثمارات التي تدمر صحة الإنسان، والإنسان هو أساس التنمية.
ويضيف أن مصر تعاني من عجز في الاكتفاء الذاتي في العديد من السلع الإستراتيجية، ومنها القمح الذي يصل العجز في الاكتفاء الذاتي منه 50%، والزيوت 90%، والواردات من المنتجات البترولية (البنزين، والسولار، والغاز).
وبسؤاله عن اعتبار توجيه هذه الاستثمارات قرارا خاطئا، أجاب بأنها "جريمة وليست قرارا خاطئا، فمصر تعاني من مشكلة مواجهة أمراض عدة متوطنة مثل الفيروس سي والفشل الكلوي. فهل يكون من المنطق الاستثمار في صناعة الدخان التي تكلف المزيد من الإنفاق الصحي من إنشاء مستشفيات وعلاج، أم يجب أن توجه الاستثمارات لأوجه القصور في السلع الأساسية في مجالات الغذاء والطاقة وغيرها".
أشرف بدر الدين: الاستثمار في صناعة السجائر جريمة (الجزيرة)
تخصيص كفؤ للموارد
ومن وجهة نظر مغايرة، يذهب أستاذ الاقتصاد في أكاديمية السادات عبد المطلب عبد الحميد إلى أن إنفاق 5.4 مليارات جنيه على المجمع الصناعي للشركة الشرقية للدخان صحيح وفق المعايير الاقتصادية.
فالعبرة من تخصيص مورد اقتصادي ما هو العائد منه، ونظرا لأن الشركة ما زالت الدولة تمتلك فيها الحصة الأكبر (80% من رأسمالها)، وتدر ستة مليارات جنيه سنويا لصالح الخزانة العامة للدولة في صورة ضرائب غير مباشرة على التبغ، فضلا عن الأرباح المحققة، "فكل هذه الإيجابيات تجعلنا نحكم على أن تخصيص هذه الاستثمارات بالمعايير الاقتصادية والمالية البحتة صحيح بمعدلات كبيرة".
ويضيف عبد المطلب أنه من ناحية أخرى فصناعة التبغ مسموح بها سواء في مصر أو في سائر دول العالم، ولم يعرف أن دولة ما أغلقت صناعة التبغ لديها.
وبسؤاله عن الجوانب السلبية المترتبة على التدخين، وخاصة ما ينفق على علاج الأمراض الناتجة عنه، أجاب بأن هذا منحى آخر تتبناه المؤسسات الثقافية والصحية.
وتوجد بمصر جهات متعددة لمكافحة التدخين، فعلب السجائر يوضع عليها ما يشير إلى وجود أضرار صحية للتدخين، ويبقى الاستهلاك قرارا شخصيا للأفراد.
وأكد عبد المطلب أن العوائد المتحققة من الضرائب من هذه الشركة وغيرها من الموارد الضريبية، توضع في الموازنة التي تنفق على المستشفيات للعلاج والتعليم للتوجيه بعدم التدخين.
المصدر: الجزيرة
المفضلات