الدار البيضاء- خديجة الفتحي
إذا كانت النساء تجدن صعوبة في القيادة أثناء النهار في العاصمة الإسمنتية الدار البيضاء، ولا يسلمن من التحرش الجنسي والاستفزاز، فكيف لامرأة اختارت ممارسة قيادة التاكسي كمهنة ما بعد الغروب حتى طلوع الصباح. حيث تتعاطى مع زبائن ينتمون إلى عالم الليل، منهم الطافح بالسكر والثمل و السياح طبعاً من عشاق الليل.
تعليقاً على مهنتها، تقول أمينة الأم لطفلين والحائزة على شهادة الباكالوريا، في حديثها لـ"العربية نت" إنها تهوى العمل ليلاً، سواءعند قيادة سيارة الأجرة أو القيام بالأعمال المنزلية من تنظيف وكي وطهي.
وتضيف: لكي تبقي مخلصة لشرف المهنة، تضطرين أحيانا للتحرر من الحياء، لأن ليس هناك من وسيلة للدفاع ومواجهة هؤلاء السفهاء كما تسميهم، إلا برميهم بألفاظ عارية فظة، ودون مواربة، لتعدم بحسب قولها كل محاولة للتحرش.
وتردف المرأة المغربية: "فما حيلتي والذئاب تحيط بي من كل جانب، ولعل هذا ما يجعل زملائي في المهنة ينعتونني بالرجل، لكن قولهم لا يهمني ما دمت أدافع عن همتي وعفتي لأضع مسافة بيني وبينهم ولأحجب عنهم وجه الأنثى." وتشير في حديثها للعربية.نت إلى أنها امرأة مؤمنة بالله تصلي وتقرأ القرآن وقبل أن تغادر عتبة البيت أو تركب السيارة ترتل بعض الأدعية وتنشدها، أما متى وجدت نفسها مهددة من طرف بعض "الحيوانات البشرية" حسب تعبيرها تخاطبهم باللغة التي يفهمونها.
رغم المتاعب التي تواجهها أمينة بين الفينة والأخرى، لا زالت تصر على التحدي، معتبرة أنها كانت في شبابها تطمح أن تصبح طبيبة تسعف المعوزين أو محامية تدافع عن المقهورين، لكن الظروف قادتها نحو هذه المهنة التي تشبعت بها بحكم الأجواء العائلية التي عاشتها. فوالدها كان سائق سيارة أجرة، وكذلك شقيقاها اللذان هاجرا إلى ايطاليا، وبحكم حبها للقيادة تبلورت لديها هذه القناعة، فاختارت مهنة السياقة التي لم يقتنع بها أبنائها إلا بعد عناء، وبعد أن رافقوها في احدى الجولات الليلية مسندين رأسهم إلى المقعد الجانبي حتى غلبهم النعاس، بعد أن أيقنوا كيف تعجن أمهم لقمة عيشهم بعرق جبينها.
المفضلات