من فيلا فخمة بحي راق في دولة الكويت, إلى تسوية مستأجرة في منطقة الغويرية في محافظة الزرقاء, من سيدة مجتمع يشار إليها بالبنان إلى أجيرة , من «ست بيت» لديها ثلاث خادمات إلى عاملة نظافة في دائرة الأراضي, من امرأة ثرية تملك أخر موديلات السيارات, إلى سائقة بالأجرة على خط الزرقاء دمشق.
هكذا وبلمح البصر, تبدلت أحوال أم نادر وانقلب حالها رأسا على عقب, دون أن ترضخ للواقع المرير, دون أن تلطم خدها وتندب حظها وتكبي على أطلال الماضي المليء بالسعادة والهناء ورغد عيش.
بل على العكس تماما, فقد آمنت أم نادر بالقضاء وأيقنت بالقدر, وتركت الكويت وراء ظهرها نتيجة الأحداث السياسية التي توالت تباعا, عقب دخول الرئيس العراقي السابق, الشهيد صدام حسين, إلى الكويت, لتعود هي إلى الأردن بخفي حنين, مفارقة الكويت تماما كما فارقت زوجها, فراقا بائنا بينونة كبرى, لتشمر عن ساعديها من أجل أن تعيل أبناءها الخمسة وتربيهم وتعلمهم, دون أن تستجدي أحدا أو تنتظر معونة من جميعه.
تقول أم ناد وفق "الدستور" : «بعد عودتي إلى الأردن إثر دخول صدام حسين إلى العراق, وغياب رب الأسرة عن منزله قسرا, وجدت نفسي أمام مجموعة من الأبناء والأفواه الجائعة البريئة, في ظل ظروف مادية سيئة للغاية.
وتضيف «قمت بالعمل عاملة نظافة في دائرة الأراضي بالزرقاء, مدة ثلاث سنوات متصلة, كما عملت سائقة أجرة على خط الزرقاء – دمشق, وقمت بتسيير 7 رحلات ولمدة شهر كامل, لكن لم يكن بمقدوري الاستمرار في هذا العمل أكثر من ذلك, بخاصة أن هذه المهنة بحاجة إلى المبيت خارج المنزل, الأمر الذي اضطرني للعمل في صالة أفراح وصانعة الحلويات في منزلي ومن ثم بيعها لبعض العوائل والأسر.
وتشير «عدم الاستقرار في العمل, وكذلك عدم الاستقرار في الوضع المادي, جعلني ابحث عن حل جذري لذلك الأمرين الهامين بالنسبة لي, الأمر الذي دفعني وبعد الأعمال المضنية تلك, لأن أتجه إلى محافظ الزرقاء حينها, مصلح الطروانه, عارضة عليه فكرة أن أكون كاتبة استدعاءات»
وتزيد «وافق محافظ الزرقاء على طلبي حينها, بعد أن اقتنع أن هذا المجال لا ينبغي أن يكون حكرا على الرجال فقط, فهناك معلمين ومعلمات, وممرضين وممرضات ولا يوجد في المملكة كاتبة استدعاءات, ما دفع بمحافظ الزرقاء للموافقة على طلبي لأصبح عقب ذلك أول كاتبة استدعاءات في المملكة».
وعقب مرور أكثر من عشرين عاما على نقطة التحول من قمة الثراء, إلى أول كاتبة استدعاءات, تؤكد أم نادر أن راضية بالقضاء والقدر, فخورة جدا بتجربتها وبأبنائها الذين علمتهم أفضل تعليم وربتهم دون أن تلجأ إلى أحدهم يرأف بهم.
فقد اكتشفت أم نادر أن سمعتها الطبية ومحبة الناس لها ولمتها حول أبنائها وأحفادها هي رأس مالها في الدنيا وهي برأيها الثراء الحقيقي والتجارة التي لا يصيبها كساد ابدا.
المفضلات