عاد الى الأضواء بقوة لكن الموسم الحالي شهد انفصال الثنائي امل الدباس ونبيل صوالحة
لا أحد يعرف بصورة محددة لماذا اختفى المسرح السياسي الساخر من الأردن خلال الأعوام الستة الماضية، ولماذا عاد بقوة خلال الأسابيع القليلة الماضية؟.. التقدير على الأرجح ان هذه العودة القوية للكوميديا السياسية التي تحاول استغلال اللحظة الراهنة مرتبطة بتوجيه حكومي لوزارة الثقافة له علاقة بصعوبات المرحلة الاقتصادية وباهتمام السلطات بأن تسمح للجمهور بالتنفيس.
المصلحة هنا تتقاطع بوضوح في العاصمة عمان.. ممثلون كوميديون معروفون بلسانهم اللاذع وقدراتهم على التقليد يتلمسون طريق القسوة في فرض قرارات الحكومة الاقتصادية والتشريعية فيستغلون الفرصة ويرفعون على خشبة المسرح سقف الأداء والنكتة والتعليق، فيما تستفيد الفنادق والمطاعم التي تستضيف هؤلاء خلال شهر رمضان المبارك.
بناء على هذا التقاطع انتعش المسرح السياسي وكوميديا التحرش بالحكومة فجأة عشية موسم رمضان، حيث تعرض خمس مسرحيات سياسية ساخرة وناقدة جدا بنفس التوقيت، لكن مع فارق بسيط لهذا الموسم فالثنائي الكوميدي الذي اخترع قصة تقليد السياسيين قبل سنوات طويلة أمل الدباس ونبيل صوالحة "انفصلا" عن بعضهما البعض.
انفصال النجمين الدباس والصوالحة عن بعضهما فنيا نتجت عنه فائدة إضافية لاحظها الناقد عمر مطر وهو يقول: لقد ساهم هذا الانفصال لأروع ثنائي في تاريخ الكوميديا الأردنية بتقديم عملين بنفس السوية والتوقيت وكلاهما يتميز بالسقف المرتفع، لان أمل تريد ان تقول "أنا أجرأ من نبيل" والعكس صحيح وسقف التمثيل على المسرح هو المستفيد.
وليس سرا إطلاقا ان الحكومة الحالية تشجع بطريقة ذكية المسرح السياسي فهو يساعد في امتصاص الاحتقان ـ يقول أحد الوزراء - وبنفس الوقت يظهر الوجه اللطيف الناعم في الحكومة فهي ودودة.. تتقبل النقد.. لا تعترض على المسرح السياسي.
وحتى يضمن رئيس الوزراء سمير الرفاعي استثمارا جيدا للمسرح السياسي قام قبل عشرة أيام بدعوة جميع أفراد الطاقم الوزاري لحضور عرض النجمة أمل الدباس. أحد الحضور قال: "سمع الوزراء بآذانهم وشاهدوا بأعينهم كيف يتم تقليد بعضهم والتحدث بسخرية مرة عن البعض الآخر".
لاحقا ومن باب التنويع اختار وزير المالية محمد أبو حمور دعوة نخبة من ضيوفه الإعلاميين ضمن برنامج رسمي دولي على إفطار بصحبة المسرحية التي يقدمها الفنان صوالحة، حيث يمكن للمشاهد ان يبتسم ويضحك ويرصد لقطات فيها من النقد الساخر ما لا ترصده الذاكرة المحلية، خصوصا من الإعلام الذي وصفه رئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابدة بأنه مرعوب.
كل ذلك لا يعني إلا استنتاجا واحدا يوافق عليه السياسي المخضرم الدكتور ممدوح العبادي وهو ان الكوميديا السياسية تنتعش في أزمات الضيق، فما يبدو في عمان هذه الأيام ان الحكومة داعم خلفي لمحاولات المسرح السياسي ورفع سقف التمثيل وان هذا النمط من التعبير ينتعش بقوة.
ذلك دليل ملموس على صعوبة المرحلة اقتصاديا وتوقعات بصعوبتها سياسيا فالمكان الوحيد الذي يمكن ان يقال ان سقف التعبير ارتفع فيه هو خشبات المسرح الكوميدي الساخر الذي يتجاهل تلفزيون الحكومة وجوده عمليا.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ملاك الانس
المفضلات