لم تسعفهم خبرتهم ولم تستخلص جماعة الاخوان المسلمين دروس التاريخ وعبره فامتطوا يوم أمس حراك الذين اطلقوا على انفسهم ائتلاف العشائر, فلا هؤلاء استطاعوا تجميع عدد يمكن اعتباره مهماً او جامعاً لنسبة ولو ضئيلة من ابناء العشائر الكرام ولا جماعة الاخوان المسلمين نجحت في استقطاب جمهور تدعي انها تمثل اغلبيته وانها قادرة على تحريك الشارع بل وللتعويض عن فشلها وقلة حيلتها اوعزت الى انصارها القلائل الذين باتوا وجوهاً مألوفة في كل مظاهرة او مسيرة او تجمع اخواني كي يرفعوا سقوف هتافاتهم وأن يخرجوا عن المألوف الاردني الذي يراعي الحرمات والقواعد الاخلاقية والقيمية ولا يذهب بعيداً في الاسفاف والشطط.
هي إذن طلقة في الفراغ لم تنجح الحركة الاسلامية الاردنية في توظيفها لصالحها فبدت كورقة اخرى خاسرة مسّت بما تبقى من رصيد لدى هذه الحركة التي تبدو للمتابع والمدقق انها توشك على اشهار افلاسها ولم تعد قادرة على تطوير نفسها او اخضاع برنامجها المرتبك الى المراجعة كي تأخذ المتغيرات الداخلية والخارجية ايضاً في عين الاعتبار, لأن قديمها قد علاه الصدأ وان جديدها إن كان لديها ثمة جديد ليس سوى اوهام وخزعبلات وقراءة خاطئة لخريطة اردنية واقليمية لا تعبر عن ميل او هوى شعبي لخطاب الاخوان المسلمين حتى لو نجحوا في بعض البلدان العربية التي ما تزال ملابسات واصداء صفقاتها تتردد في الساحات ذاتها التي اطلقت شرارة الربيع العربي.
اختطاف الحركة الاسلامية الاردنية حراك يوم امس وما رافقه من حشد متواضع وشعارات استفزازية وضع حداً لكل المزاعم التي تدعي ان حركات الاسلام السياسي تقيم وزناً لقواعد اللعبة الديمقراطية او انها ترضخ لارادة الجماهير وانها قادرة على التعاطي مع من يخالفها في الرأي والرؤية, بل هي دائما لا ترى إلاّ نفسها في المرآة وانها هي وحدها التي تحتكر الحقيقة وانها فوق ذلك كله تتسلح بالنص الديني وترى نفسها حارسة له وقيّمة عليه وناطقة باسمه وهي اوهام لم تعد الناس تؤمن بها بعد ان انكشفت الحقائق وبعد ان ادارت جماعات الاخوان المسلمين في العالم العربي وبخاصة تلك التي وصلت الى السلطة او اختطفتها ظهرها لكل شعاراتها التي خدعت بها الجماهير الطيبة والبسيطة والمتدينة سواء في عدائها المزعوم لاسرائيل او في ايمانها بقواعد اللعبة الديمقراطية واستعدادها للخضوع لما يقرره الجمهور في صناديق الاقتراع ناهيك عن خواء برنامجها الاقتصادي ونزوعها نحو السياسات الاقتصادية ذاتها التي تنتقدها والشواهد على ذلك كثيرة وعديدة وموثقة.
اختطاف حراك يوم امس من قبل جماعة الاخوان المسلمين اطلق رصاصة الرحمة على هذه الحركة التي لا تريد ان تتعلم من اخطائها ولا تريد ان تمنح شعبها ووطنها الفرصة لتطبيق مسيرة الاصلاح وجني ثمارها لانها تعلم انها ستكون الخاسرة من أي اصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي يرفض همينتها وادعاءاتها وخطابها الاقصائي والمتطرف.
المفضلات