فتوح العراق
قال: وارتحل عياض إلى الجانب الغربي ونزل على بلد فيها بديع القبطي فأجاب صلحًا على ما تقرر عليه وارتحل عياض إلى أن نزاح بالإسماعيليات وبعث عمرو بن جند ليغير على الموصل وأعمالها فمضى وأغار وأخذ الغنائم ووقع الصايح فخرجوا عليه وقاتلوه وانتزعوا منه الغنيمة وقاتل حتى قتل ودفن بالجانب الغربي فلما بلغ عياضًا ذلك ارتحل من الإسماعيليات ونزل على الموصل فخرج إليه أهلها بالعدد والسلاح فكر عليهم خالد بجيش الزحف فجعلهم حطامًا ولم يكن عليها يومئذ سور يمنع فأخذها بالسيف ونظر إلى نينوى فإذا هي مدينة قد أخذت قال الواقدي: وكان ملكه يومئذ الملك أنطاق فكاتبه عياض فأبى فأنفذ إليه الجزيري صالح.
فقال: لئن لم تجب هؤلاء إلى ما أرادوه وإلا أذقتك شرًا ولا أترك لك عيشًا فكتب إليه يقول: إني أصالحهم إلى ستة أشهر حتى أرى ما يكون من أمر كسرى فإن فتحوا بلده دخلت في طاعتهم.
قال وكان هو من تحت يد كسرى فأجابه المسلمون إلى ذلك وصالحوه على موجها ومرجها وكتب عياض إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعلمه بما فتح الله عليهم فكتب إليه يقول: بسم الله الرحمن الرحيم من عياض بن غنم الأشعري إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
أما بعد: سلام الله عليك ورحمته وبركاته فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على نبته محمد صلى الله عليه وسلم فالحمد لله الذي أيد الإسلام بنصره وأدحض الشرك بقهره ولله الحمد على ما أولى ومنح وأزال وكشف ورفع وصرف من عظائم وأخذ من غنائم حمدًا يزيد الآمال انفساحًا والصدور انشراحًا وقد لانت الشدة صلابتها ورقت الأيام بعد قساوتها ويسر الله تعالى أمرها وقد أوردت الأعداء موارد المهالك وضيقت عليهم المسالك فارتكبوا في زقاقهم واشتركوا في وثاقهم ولم يجدوا في الأرض نفقًا ولا في السماء مرتقى واشتد بهم الفرق وأزعجهم القلق وأنهم احتالوا وخايلوا وداهنوا وأرسلوا وأظهروا البعد عن الآثام والدخول إلى الإسلام والتنزه من الظلما والجنوح إلى السلم فأقررناهم على ذلك بعد أن أشرفوا على المهالك فمنهم من أسلم وبايع ومنهم من أقام تحت الذمة وتابع وقد نشر الله أعلامنا وأعز ديننا وقهر عدونا وشد سيوفنا وأعلى كلمتنا وأظهر شريعتنا وقد صرف الله سورتهم وأخمد نارهم وأزال نصرتهم وكفى البلاد والعباد مؤنتهم والحمد لله وحده وصفى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والسلام عليك وعلى جميع المسلمين ورحمة الله وبركاته.
وبعث خمس مت تحصل من ديار بكر من شرحبيل بن حسنة كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه وسلم وضم إليه مائتي فارس وسلمه الكتاب وأمره بالمسير فسار شرحبيل وبعد أيام وصل إلى عياض من العراق عامر بن مزينة رسولًا من عند سعد بن أبي وقاص يستنجد عياضًا على كسرى فأنفذ له نجدة ثم فتح الله العراق على يد سعد وما جرى له من الحروب والوقائع نذكر من أمره ما كان والله الموفق.
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــع
فـــــــــــتــــــــــوح الشـــــــــــــــام
أبو عبدالله بن عمر الواقدي الواقدي
المفضلات