أياً كان السبب الذي نشرب من أجله القهوة فنحن لا نشربها لأننا عطشى
&&&
القهوة سبب وجيه يجعلك تجزم أن المخ من أعضاء الجهاز الهضمي
&&&
لا يهم طعم القهوة في أفواه الآخرين, ما يهم هو طعمها في فمي
&&&
بالرغم من أني أسكب كوب القهوة في معدتي إلا أنها تتجه مباشرة نحو رأسي
&&&
“يدي” و”أنفي” دائماً يتسابقان, كلاهما يريد الاستمتاع بالقهوة أولاً
&&&
يحيرني هذا السؤال دائما: أيهما أجمل؟ ..
في النهار يبدو لي كوب القهوة الموجود أمامي أجمل, وفي الليل تبدو لي صورة كوب القهوة, المعلقة على الجدار, والتي تحاول أن ترسم القهوة المثالية, أجمل ..
تذكر: فقط عند كوب القهوة يكون الواقع واللوحة الدعائية متماثلان
&&&
بالرغم من أن قهوتي كالحة السواد, وطلبتها مره؛ إلا أنها حلوة ومنيرة
&&&
لمَ الديكور الفخم ؟ , لمَ اللبس الموحد بين العمال ؟ , لمَ الإنترنت اللاسلكية ؟, لمَ كُل هذه البهرجة والزركشة والرتوش؟ .. ..
جُل ما أريده هو كوب من القهوة
&&&
مالمضحك في الأمر؟ .. أذكر أسماء أصدقائي للزائر الجديد وفي النهاية أذكر اسم - نوع - القهوة التي معي ..
أصدقائي يظنون أننا خمسة وأنا متأكد أننا عشرة
&&&
لا أعتقد أن عكس “القهوة” هو “الشاي” ؟ .. أعتقد أن عكسها هو “الوحدة”
&&&
كل ما أكتبه في دفتري أول من يقرأه نادل القهوة وهو يسترق النظر للدفتر بينما هو يضع كوب القهوة على الطاولة, ومن ثم يقرأها كوب القهوة, محدقاً, وهو بجانب الدفتر, في ما أكتبه ..
ولو أن لي أذان أسمع بها; لسمعت ملاحظات الكوب في ما أكتب
&&&
هناك من يكرع القهوة, وهناك من يتجرعها, وهناك من يتذوقها, وهناك من لا يرى حوافا للكوب; بل يرى شفاها مكتنزة تحتاج شغفا في التعامل
في قصة “أليس في بلاد العجائب” كانت هناك شخصية تسكب الشاي مباشرة في رأسها ..
لماذا لم تكن قهوة ؟ ..
أعتقد أن الأديب “لويس كارول” حاول أن يعبّر عن خيالنا ورغبتنا في أن نسكب الشاي مباشرة في رؤوسنا عوضاً عن شربه, ولكن القهوة, حتى في تصورنا ” للعالم الكامل”, نتخيل أننا نشربها بالضبط كما نفعل الآن
&&&
الحب , ثم القهوة , ثم الموسيقى , ثم الشعر , ثم القصة .. حلول جيدة لنهرب قليلا من الحياة
&&&
كل عاشق قال : “أحبك” مرتين على الأقل, أحدها لكوب قهوة
&&&
مثل الحياة كوب القهوة ينتهي, وبطريقة أو بأخرى هو مثل “الآخر” الذي يفارقني ولكنه يظل في داخلي
&&&
عندما ينسكب كوب الماء على ما أكتب فإنني أحاول أن أجفف الورقة ..
ولكن عندما تنسكب القهوة فإنني أمزق الورقة وأبدأ من جديد; لأنني عندما أرى ما كتبت و”القهوة” على نفس الصفحة, أشعر أن ما كتبت كان دميماً
&&&
في ذلك المطعم العالي فوق مدينة الرياض “أكوّر” يدي وأضعها أمام عيني وأرى الرياض كلها في يدي, ومن ثم التفت إلى الطاولة – ويدي ما تزال مكوّرة – وأرى كوب القهوة في يدي, ولكن أنا أملك كوب القهوة ولا أملك الرياض
في كأس الماء يكمن الفتور, وفي علبة المياه الغازية يكمن الطيش, وفي الخمر تكمن الحرمة, وفي القهوة تكمن المرارة ..
بالفعل إنه عالم قاسي
&&&
مسكين كوب القهوة, ينذر نفسه لنا ونعامله كامرأه وضيعه, ذاك يكتب بينما هو يشرب كوب القهوة, وذاك يتحدث بينما هو يشرب كوب القهوة, وذاك يقرأ بينما هو يشرب كوب القهوة, بينما يجلس في الزاوية كهل بدت على قسماته ملامح الحكمة يشرب كوب القهوة بينما هو يشرب كوب القهوة ..
&&&
أجمل جملة قيلت في رواية “جزيرة الكنز” قالها القبطان “جون سلفر” عندما ذهب للتفاوض مع “جيم” وأصدقائه في حصنهم, عندما سأله “جيم”: “ما هو أهم شيء في حياتك يا سلفر؟”, قال “جون سلفر” وهو يرفع كوب القهوة: “الآن أهم شيء بالنسبة لي هو كوب القهوة هذا ..”
عبقري الأديب “روبرت لويس”, استطاع أن يسقط فلسفة “الاستمتاع باللحظة الحاضرة” في كوب القهوة, تماماً كما يفعل البعض بقطعة السكر
&&&
أناني؟ .. نعم أنا أناني, أنا أذهب لأشرب القهوة وأتحدث مع أصدقائي, بينما أصدقائي يجيئوا ليتحدثوا ويشربوا القهوة
&&&
لو خيرت بين ” الخبز ” و”الحقيقة”, سوف أختار الحقيقة, ولو خيرت بين “القهوة” و “الحقيقة”, سوف أتردد قليلا, ومن ثم, سوف أختار “الحقيقة” على مضض
تتألم قليلا عندما أضغط على يديك لكنك تبتسم احتراما لولهي, تسمع كلامي, تسمع همسي, تسمع أنفاسي, بل تسمع تمتمتي التي حتى أنا لا أسمعها, تعرف كل أسراري, تعرف لماذا الجأ إليك, تعرف لماذا انتهيت عندك بعدما ابتدأت بك, تعرف لماذا عندما أكون معك أشعر بأني قطعة وضعت في مكانها الصحيح في “لعبة تركيب الصور”, بل إنك تعرف عني أسرارا ليس لها عناوين عندي بعد, وأنا لا أعرف عنك سوى إني متيم بك, ولا أحزن لذلك لأن التفاح لا يحاول معرفة شجرته ..
فقط أنا أحاول أن أحياك ..
كوب القهوة أنت لست “شيء”; لأن رحلة الإنسان هي رحلة للبحث عن الحق والخير والجمال وعنك, ومثل ما كان الفن دافعا ساميا للفن, فأنت دافعا كليا تاما إليك ..
من أحد المدونات ...
المفضلات