دفعتهم الحاجة لترك مهنهم والاتجاه للعمل كسائقين
السوسنة
تركوا مهنهم التي لم تكن تسد رمقهم وتوجهوا للعمل بمهنة توفر لهم ولابنائهم سبل العيش الكريم وفقا لقولهم .
اتجهوا الى العمل بمهنة سائق (سرفيس) على احد خطوط عمان الداخلية ليوفروا لأسرهم سبل العيش الكريم , يتناولون الطعام يوميا بجانب سور تزينه الآية الكريمة " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ، وستردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون " واختاروا هذا المكان لتحفيزهم على العمل .
يقول محمد عبد الكريم الجدي احد ثلاثة اشخاص التقتهم (بترا) " ظروفنا تشابهت ، حيث هجرنا المهن التي أتقناها وعشقناها ، إلا أنها لم توفر متطلباتنا المعيشية ، لتجمعنا مهنة السواقة على خط سرفيس جبل الحسين " .
ويشير كفاح محمد قضماني الذي كان يعمل في مهنة التجارة الى ان الظروف جمعتنا لنتواصل ونتقارب لنعمل بهذه المهنة بعد ان هجرنا المهن التي تعلمناها مرغمين لسد حاجات أسرنا .
وكما جمعتهم المهنة ، فقد تشابهت همومهم ونظرتهم الى الحياة خاصة عندما يلتقون معا أثناء الاستراحة التي يحددونها بعد انقضاء وقت الذروة في العمل وهدوء حركة السير وعجلة الركاب " فنجد لذة في عملنا ونحن نستريح معا ونختلس وقتا قليلا لتناول الطعام ، الذي يجمع وجبات الإفطار مع الغداء مع العشاء " كما يقول عمر قنديل الذي عمل حلاقا للرجال لسنوات طويلة .
ويصف قنديل الحياة بالصعبة هذه الأيام ونحتاج فيها الى أن نصل الليل بالنهار حتى نسد رمقنا ونوفر قوت يومنا ونجنب أسرنا شر السؤال والحاجة .
يدعو محمد الجدي الذي كان يعمل منجدا لسنوات طويلة المؤسسات ذات العلاقة الى توفير الفرص التي تساعد الحرفيين والمهنيين ليبقوا في مهنهم التي اتقنوها والتي يمكن ان تدر عليهم دخلا يكفيهم .
ويقول قنديل " ان مهنة السواقة ساعدتني على سد احتياجات أسرتي ومتطلبات أبنائي الذين لا يزالون على مقاعد الدراسة" ، فيما يصف محمد شوقه لقضاء وقت مع صغاره وهو الذي لا يجد وقتا لقضائه معهم لانه يغادر منزله مبكرا قبل ان يستيقظوا من النوم ويعود بعد أن يأووا الى فراشهم .
ويسرد قنديل قصة طريفة حدثت معه خلال عمله سائقا على خط السرفيس ، بقوله كان الوقت منتصف الليل ، وحضر راكب في سن متقدم من العمر ، وغالبه النوم أثناء انتظاره اكتمال عدد الركاب ، وتحركت نحو وسط البلد ، لتبدأ مهمة ايقاظه من خلال رفع صوت الراديو ، وفتح الشبابيك والحديث معه والمناداة عليه بصوت مرتفع ، الى ان تمكنت من ايقاظه وكانت الساعة قد تجاوزت الواحدة فجرا .
هؤلاء السائقون جميعا في سن الاربعينيات ، وأبناؤهم في مراحل الدراسة المختلفة ، يقطن كل منهم في منطقة بعيدة عن الأخرى , يتشاركون ويتقاسمون اسعار الوجبة ويتشاركون كذلك في طرح قضاياهم وهمومهم ، ويحلمون معا ويطلقون العنان لضحكاتهم على النكات التي يتبادلونها للترويح عن انفسهم من أعباء الحياة .
ويعلقون وهم يتناولون طعامهم بيد ويطردون القطط التي تجمعت على الرائحة المنبعثة منه باليد الاخرى ، " لا يوجد ألذ ولا أمتع في نهاية يوم عمل شاق من تناول الطعام المغموس بعرق الجبين ".
"بترا- سهير جرادات"
المفضلات