مكانة العامل في الإسلام
هايل عبد المولى طشطوش
لم تعرف الشرائع والقوانين حقوقا ومكتسبات وتوقيرا وتقديرا وحماية واحتراما وصيانة للعامل وحقوقه كتلك التي تضمنتها شريعة الإسلام ، كيف ولا وهو المستجيب لنداء الله بالسعي والبحث والعمل والكسب والبناء والاعمار والإسهام في عمارة الكون وتطويره وزيادة نمائه والمساهمة في إنتاج الطيبات من الرزق لنفسه ولعباد الله ، يكفي العامل المخلص في الإسلام بأنه مغفور له حيث قال نبينا الكريم علية الصلاة والسلام :» من أمسى كالا من عمله أمسى مغفورا له» وذلك ثوابا له على سعيه وتعبه ، وعلى الرغم مما قدمته النظم الوضعية السياسية والاقتصادية من حقوق للعامل كان أبرزها إعطاؤه يوما في العام يكون له عيد إلا أنها لم ترق إلى مستوى التشريع الإسلامي الذي منحة كامل حقوقه التي ناضل ويناضل من اجلها إلى اليوم بل انه أزهقت أرواح كثيرة وسالت دماء غزيرة لأجلها وما زال العامل في أرجاء العالم مظلوما غير منصف لم يحصل على حقوقه كافة .
العمل في الإسلام عبادة حيث روي عنه عليه الصلاة والسلام قوله :» العبادة سبعون جزءاً أفضلها طلب الحلال» والعامل المخلص في عمله هو عابد لله يستحق منه الثواب والأجر الجزيل في الدنيا والآخرة ، لقد رفع الإسلام مكانة العامل وطلب احترامه وعدم إيذاء مشاعره بإشعاره بأنه انقص واقل قيمة من رب العمل ونهى عن الاستعلاء عليه والتقليل من شانه ومكانته ، وأمر الشرع الحنيف إعطاءه حقوقه المالية بعد الانتهاء من عمله المنوط به حيث امرنا الرسول الكريم بإعطاء الأجير أجره قبل ان يجف عرقه ، وآمر الجهات المسؤولة عن العامل ان تعينه على الحصول على مسكن ودابة وزوجة وان تصلح من شانه وتقدم له الرعاية الطبية والغذاء المناسب له ولمن يعول وذلك لكي تضمن مقدرته الجسدية والعقلية على العمل بل وتعززها من خلال التعليم والتدريب وتوفير كافة مستلزمات الثقافة المهنية والأكاديمية اللازمة له لتعينه على أداء واجباته بإخلاص وتفان.
ولأجل توضيح الاحترام والتعظيم الذي أولاه الإسلام للعامل، فلنا في قصة سعد الأنصاري العامل المكافح المسلم كفاية، حيث تذكر الروايات أنّ سعداً كان في استقبال النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان عائداً من غزوة تبوك وصافح سعد النبي بيده الخشنة المليئة بالخدوش فسأله النبي عن السبب في ذلك فقال: إنّي أعمل واستعمل المسحاة والحبل لأعيل عيالي، فقام النبي الكريم بعمل عظيم حيث قبّل يده وقال: هذه يدٌّ لا تمسّها النار» ، وقد نهى الإسلام عن الكسل والتخاذل والتقاعس حيث ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام قوله «ملعون من ألقى كلَّه على الناس « وقد ورد عن بعض الصالحين قولة :» إنّ الله تعالى ليبغض العبد النوام. إنّ الله ليبغض العبد الفارغ» ....لان الأمة التي لا تعمل بيدها ولا تنتج من معاملها ولا تآكل من مزارعها تبقى رهينة بيد الأمم الاخرى ضعيفة مستكينة ، لذا فإعطاء العامل المكانة التي يستحق هي وسيلة من وسائل البناء الاقتصادي ومن وسائل تحقيق الكفاءة في اقتصاد إسلامي غايته العدالة والرحمة ، وخاصة أن العمل والعامل هما عنصر الإنتاج الأبرز في المعادلة الاقتصادية .
المفضلات