مختصون يدعون إلى تعميم تدريسها في المدارس الجزائرية
تدريس الأمازيغية بالحرف اللاتيني لا يخدم إلا الفرنسية
بحلول 20 افريل تكون قد مرت 31 سنة على أحداث الربيع الامازيغي الذي كان نقطة تحول في منطقة القبائل بعد منع محاضرة لمولود معمري في جامعة تيزي وزو، لتعرف بعدها المنطقة مسارا طويلا، من المطالبة بجملة من الحقوق المتعلقة بوجود الامازيغية كلغة وثقافة ومكانتها في المجتمع الجزائري، وهو ما أفضى بعد سنوات من النضال والتضحيات التي قدمها أبناء المنطقة إلى دسترة الامازيغية كلغة وطنية وإقرارها في المدارس الجزائرية، كما أفضى إلى إنشاء قناة تلفزيونية خاصة باللغة والثقافة الامازيغية، وفتح مجال النشر أمام المبدعين بهذه اللغة، والتأسيس لمهرجانات خاصة بالثقافة والإبداع الامازيغي.
بعد مرور 31 سنة عن الأحداث.. ما هو وضع الامازيغية كلغة وثقافة، وما هو موضع المطالب السياسية بعد دسترة الامازيغية وإقرارها لغة وطنية، وما هي التحديات التي تواجه الامازيغية التي خرجت من المعارك السياسية التي تجاذبتها على امتداد 31 سنة إلى معركة الحرف لإخراجها من ثوب الثقافة الشفهية إلى ثقافة مكتوبة.
يجمع المختصون والناشطون في مجال الثقافة الامازيغية أن القضية اليوم تجاوزت سقف المطالب السياسية بعد أن تبنتها الدولة وأقرتها في الدستور والمدارس، وصار لزاما اليوم على القائمين على الثقافة الامازيغية الاهتمام أكثر بتوفير سبل وطرق تطويرها وترقيتها.
حيث يؤكد البرلماني السابق الأستاذ ارزقي فراد أن الامازيغية اليوم بحاجة لفتح نقاش آخر يتعلق بنوعية الحرف الذي تكتب به هذه اللغة، هل نكتبها بالحرف العربي لإدماجها في نسيج الثقافة الوطنية او نكتبها بالحرف اللاتيني وإبقائها في دائرة الأوراق السياسية التي تستغلها الأطراف المتصارعة في الساحة كلما دعت الضرورة إلى ذلك؟.
من جهته، يؤكد المخرج علي موزاي أن الامازيغية اليوم بحاجة إلى دعم من طرف أبنائها بمشاريع جادة وعميقة تخرجها من الكيلشيهات والفلكلور الذي يحاول البعض أن يحصرها فيه، وهذا يتطلب -حسب المتحدث- الاعتماد على الكفاءات أين ما كانت دون اعتبارات لغوية، لأن الامازيغية هي ثقافة كل الجزائريين ولا تقتصر على منطقة بعينها، ولا يعني أن من يتحدث الامازيغية مخول ومرشح لاحتلال المناصب الثقافية إذا لم يكن كفءا "ارفض ان تتحول الامازيغية، التي مات من اجلها أبناء الجزائر، إلى سجل تجاري وسياسي وطريق لبني عميس وبني خليس"، ويضيف صاحب "مولود فرعون" لا امانع اخراج فيلم بالعربية او بالفرنسية، لان الامازيغية اكبر من ان تحصر في لغة"، ويضيف المتحدث ان الدولة اليوم مدعوة لتقديم الدعم، لكن ايضا على الحاملين والمدافعين عن هذه الثقافية ان يدركوا جيدا ما يريدون، ونحن اليوم مطالبون بإعادة تنظيم انفسنا وإعطاء الفرصة للكفاءات وعدم تهميش الناس لاعتبارات لا علاقة لها بالكفاءة. بالنسبة لرئيس مهرجان الفيلم الأمازيغي الذي كان احد ثمار النضال المستمر من اجل الاعتراف بهذه الثقافة، فإن الدولة مدعوة للعمل اكثر من اجل توفير الدعم الذي يؤكد وضع اللغة الامازيغية كلغة وطنية بتعميمها على كافة المدارس الجزائرية لتجاوز التناقض بين الخطاب السياسي الرسمي وبين الواقع".
وحسب عصاد، الذي يشغل ايضا منصب مدير ترقية التراث بالمحافظة السامية للامازيغية، فإننا لا يمكن ان نجعل من الامازيغية لغة وطنية بفرض تعليمها في المناطق الناطقة بها فقط، لانها تراث وهوية كل الجزائريين، ومن حقهم اليوم تعلم لغتهم، وهناك فعلا طلب من الجزائر العميقة لتعميم استعمال الامازيغية في المدارس الجزائرية.
وغير بعيد عن هذا الرأي، يؤكد الاستاذ حلون، محاضر بجامعة مولود معمري، ان الاعتراف بأن الامازيغية لغة وطنية يقتضي تعميمها في جميع أرجاء الوطن، لأننا لا نستطيع الحكم على لغة وطنية في منطقة او اثنتين.
من جهة أخرى، اقر الاستاذ ان الامازيغية اليوم بحاجة إلى نمط لغوي يمكن جميع لهجاتها والاختلافات الموجودة بداخلها من التفاهم والحسم في شكل الخط الذي تكتبه به "لا توجد لغة في العالم تكتب بثلاثة خطوط مختلفة" لأن هذا يكرس الادعاء بأن الامازيغية لهجة وليست لغة، واعترف المتحدث ان الخطوط التي تعتمد اليوم في كتابة الامازيغية تخضع كلها لاعتبارات سياسية، وخلص الأستاذ حلون في الختام إلى التأكيد على ضرورة مواصلة النضال من اجل اقرار وضعية اللغة الامازيغية التي تراجعت في بعض جوانبها عن ما كانت عليه في الثمانينيات، خاصة على المستوى الاعلامي، وإن كان نائب مدير ترقية التراث بالمحافظة السامية الامازيغية حميد بيلاك يقر ان هناك أشياء ايجابية تم تحقيقها للغة الامازيغية، الا انه يؤكد ان اكبر تحد تواجهه الامازيغية اليوم هو تعميمها في المدارس الجزائرية وتوفير جميع الامكانيات لدعمها.
المفضلات