يرى محلل سياسي ان السعودية تعرّضت لـ(هزّة) عنيفة زعزعت أحد أهم ثوابتها أو أعمدة بنائها في (الوهابية) و(النفط) و(القبيلة)، عندما أدرك الملك عبد الله بن عبد العزيز بعد هجمات 11 أيلول، أنْ ليس أمامه من خيار سوى أنْ يحوّل حاضنة الإرهاب التي وجدتْ فيها واشنطن ذات يوم أداة قوية في حربها ضد الشيوعية، والاحتلال السوفييتي لأفغانستان الى ماكنة سرّية لسحق الجهادويين في عالم كانت هي مركز نشر ميليشياتهم.
ويقول المحلل السياسي (كارمان بوخاري) زميل مركز دراسات الإسلام والديمقراطية في واشنطن ان الملك عبد الله بن عبد العزيز تبنى نظرية بوش في هذه الحرب، ومازال مستمراً في تبنّي كل الإصلاحات الداخلية التي أمرت بها واشنطن. لكنّ الهزة الثانية، كانت بالنتائج التي أفرزتها عملية غزو العراق سنة 2003، وإسقاط نظام الرئيس السابق (صدام حسين).
لقد استخدمت الرياض وباتجاه سرّي معاكس لبرنامجها كل تطرّف الوهابية كما يقول المحلل السياسي (بوخاري)، في تقرير نشرته صحيفة اسيا تايمز، لإطفاء توتراتها الداخلية من جهة، ولاحتواء النفوذ الإيراني المتزايد في العراق، وأيضا لمواجهة صعود الشيعة العراقيين وهيمنتهم على السلطة.
ويرى الخبراء أن السعودية – التي دخلت في أتّون الهزة الثالثة عندما بدأت إيران تلوّح بمشروعها النووي- لم تستطع حتى الآن، وبرغم مضيّ 6 سنوات على التغيير السياسي في العراق، استيعاب أو احتمال فكرة تعاطي العلاقة مع الحكومة الشيعية في بغداد، ذلك أنها تعدها امتداداً لإيران، ولا يمكن قبول هذا التمدّد الشيعي الذي تراه خطراً على (سُنّية) دول المنطقة.
ويقول (بوخاري) إنّ الأعمدة الرئيسة للدولة السعودية، هي: النفط، والوهابيّة، وقوّة المعايير العشائرية، وكان لكل هذه الأعمدة دور فعّال في تسهيل ظهور الجهادوية المتأسلمة والإرهاب في أرجاء العالم قبل هجمات 11 أيلول سنة 2001. وهذه الأعمدة نفسها سمحت للرياض باحتواء القاعدة ضمن المملكة في أعقاب التمرّد الذي بدأ فيها خلال سنتي 2003-2004. وبعد هذا النجاح في الجبهة الداخلية، مازالت الرياض تستعمل الأعمدة الثلاثة لتلعب دوراً عالمياً في إطار مواجهتها لـ(الجهادويين) وهو الدور الذي رحّبت به الولايات المتحدة، على لسان وزير الدفاع روبرت غيتس الذي قام مؤخراً بزيارة المملكة السعودية، قال (روبرت غيتس) إنّ برنامج إعادة تأهيل عناصر ميليشيات القاعدة السابقين، أعجبه جداً، ودفعه الى التفكير في إرسال معتقلي خليج غوانتانامو اليمنيين الى السعودية كجزء من جهود واشنطن لإغلاق مركز الاحتجاز هذا. ويرى غيتس أن السعوديين ربما يكونون عملوا الأحسن والذي لم يفعله أحد من قبل بهذا الخصوص.
المفضلات