عمان مثل امرأة رومانسية وشاعرة، ليس كل من عرفها فهمها وليس كل من سكنها سكنته،عمّان تحتاج الى محبّين مختلفين، محبّين مجانين - ان صح التعبير - يعجنون ذاكرتهم بالتفاصيل الدقيقة المرسومة على الحيطان العتيقة ويضبطون ساعاتهم على مواعيد العشّاق وموظفي الأمانة، عمّان تعشق الكادحين بعشقهم وبلقم عيشهم، فتقبّل جبينهم كل صباح وتضمّهم الى أزقتها مثل طفل فطيم، عمّان غرّة الشمس و جريان القصائد في دم العشب الأشقر.
من تكون عمّان؟ عمّان هي الوقت المغلي بفنجان المكان، هي ”ضيق” السرفيس وشجار الركّاب، هي زفير التعب وجفن الغربة،هي طيّة في جبهة ختيار، وهي طفل يمسح بكمّه بقايا النهار، هي رائحة شماغ معتق بالسعال والدخان والضحك والنسيان،هي الدكاكين القديمة مثل علب الكبريت، وهي طيبة القادمين من قراهم،هي جريدة صباحية تتنفسّ حبراً بين يديك أمام ”كشك أبو علي” وهي فنجان قهوة سادة من عند ”الطوباسي”، هي ورقة يانصيب بيد حالم، هي الحبيبة التي لا تنسى موعدها، وهي المدينة الوحيدة التي تصعد فيها الشمس أدراجها الطويلة المتعرّجة مثل أي صبية عمانية..
أقول للذين يتعاملون مع عمّان مثل أي قطعة ”ستيك” بالشوكة والسكين، أقول لهم، انتبهوا !فعمان لا تقبل القسمة حتى في الحبّ…
احمد حسن الزعبي
المفضلات