أقام مركز الجزيرة للدراسات ورشة دراسية عن "إعلام السلام" في العاصمة القطرية الدوحة اليوم السبت شارك فيها صحفيون وأكاديميون وباحثون وناشطون عرب وأجانب.
وجرى خلال الفعاليات تكريم الأكاديمي والإعلامي يوهان غالتوغ، واشتمل التكريم على حفل توقيع كتابه الجديد "التغطية الإعلامية للنزاعات.. التوجهات الجديدة لإعلام السلام".
وانطلقت الورشة بجلسة بحثت التغطية الإعلامية للنزاعات تحدث فيها غالتونغ حيث قدم شهادة مهمة في تجربة شبكة الجزيرة الفضائية ووصفها بأنها متوازنة ومهنية وقال إن تغطية الجزيرة للأحداث الدولية والعربية تقوم على الموضوعية وتلتزم بالأخلاق.
وأكد أن الجزيرة بارعة في تبني نظرة متعددة الجوانب في تناول قضايا العالم، كما أنها تركز على قضايا الجماهير وتظهر معاناة البشر من النزاعات التي تسود العالم مما يفتح الباب على إيجاد الحلول خلافا لكثير من المؤسسات الإعلامية الغربية.
من ناحيته قال المدير العام لشبكة الجزيرة الفضائية وضاح خنفر إن معالم الإعلام في تغير سريع، مما حول الإعلاميين إلى مجرد حرفيين يتعاملون مع مدخلات ومخرجات دون أن يكون لهم وقفة تأملية أو مبادرة في إعطاء حلول لأزمات العالم، مشيرا إلى أن ذلك دفع المشاهد إلى العزوف عن متابعة الأحداث نظرا لطبيعتها المؤلمة والطريقة التي تقدم بها.
ولفت خنفر إلى أن الجزيرة سعت خلافا لذلك إلى تقديم مدرسة إعلامية تقوم على العمق بغية تعريف الأحداث المتلاحقة على مسار التاريخ والمجتمعات، لافتا إلى أن الإعلام اليوم بات سطحيا بعد أن عززت الثقافة الاستهلاكية إعلاما يستهدف الربحية في المقام الأول.
وأوضح أن الجزيرة عملت طوال تجربتها على إبراز التعامل مع الشارع العادي والتركيز على العقل الجمعي للأمم والشعوب والوعي المشترك لتلك الشعوب، وشدد على أن الإعلام ينبغي أن يعمل على "خطف بهجة السياسيين" في الحديث عن المشاكل صعودا إلى إيجاد حلول لمشاكل المجتمعات.
يوهان غالتوغ قدم كتابه التغطية الإعلامية للنزاعات.. التوجهات الجديدة لإعلام السلام
الجلسة الثانية
الجلسة الثانية ناقشت تغطية الجزيرة للنزاعات، فتناول مدير الأخبار في قناة الجزيرة مصطفى سواق إسهامات الجزيرة في بلورة مفهوم "إعلام السلام".
وقال إن شعار الجزيرة "الرأي والرأي الآخر" لا يعني فقط ضمان التعبير عن وجهات النظر المتناقضة، بل أيضا إبراز مجمل الزوايا في الموضوع المطروح سواء في الأحداث أو القضايا.
واستعرض سواق إرث الجزيرة في تقديم تضحيات عملية لتحقيق تلك الغاية بدءا من استشهاد صحفيين لها أثناء أداء الواجب مرورا باعتقال بعضهم ووصولا إلى قصف بعض مكاتبها في العواصم الساخنة وتجارب إغلاق المكاتب من بعض الدول، وقال إن إعلام السلام في النهاية هو الذي يظهر الحقيقة كاملة.
أما الباحث والأكاديمي طارق الشرقاوي فقدم ملخص أطروحة أكاديمية قارنت بين تجربة الجزيرة ونظيرتها الأميركية سي أن أن وخصوصا في تغطية حرب العراق 2003، فأشار إلى مشكلة واجهته في بداية عمل الدراسة تمثلت في وجود نظرة مسبقة عند بعض الأوساط الغربية مفادها أن الجزيرة تقدم تغطية منحازة على نمط بعض وسائل الأعلام الأخرى، لكن الباحث شدد أن أطروحته أثبتت عكس تلك الاتهامات.
وقال شرقاوي إن سي أن أن غطت حرب العراق وصحفيوها خلف الدبابات الأميركية فجاء إعلامها حربيا يصور الصواريخ ويظهر العراقيين مجاميع عامة وكتلة هلامية بلا هوية، بخلاف الجزيرة التي ركزت على محنة الضحايا مما اعتبره "إعلام سلام" بحق وفق وصفه.
كما قارن الباحث بين مفاهيم كلا المؤسستين واللغة المستخدمة واستنتج أن سي أن أن قدمت خطابا استشراقيا دون أي بعد إنساني بينما انفردت الجزيرة بخطاب تعددي حقيقي.
المائدة المستديرة بحثت كيفية تحسين تغطية النزاعات
تجارب عملية
وتواصلت فعاليات الورشة بجلسة ثالثة ناقشت تجارب عملية في إعلام السلام وتركزت الأبحاث على أوراق قدمها ناشطون من منظمات مدنية غربية وعربية.
وناقش الناشط اللبناني جان بول شامي تجربة مؤسسته في تدريب إعلاميين شباب عرب على التغطية الصحفية في مجالي النزاع والسلم وخلص إلى أن كثيرا من الصحفيين الشباب العرب ليس لديهم جاهزية كبيرة لتحليل المشاكل التي تجري تغطيتها.
من جهتها قدمت الناشطة والإعلامية الفرنسية إيتيان كليمون فوباسيمو تجربة تدريبية في مجال تغطية الأديان وخصوصا الدين الإسلامي. أما ماري لورشيك فناقشت قضايا مفهومية ومسؤولية الإعلامي في وضع حلول لقضايا معقدة عبر توسيع مجالات الرؤيا وعدم الاقتصار على ما تنتجه المؤسسات الرسمية من مصطلحات.
واختتمت الورشة بدائرة مستديرة ناقش فيها جميع المشاركين كيفية تحسين التغطية الإعلامية للنزاعات وذلك على ضوء "الحرب على الإرهاب" وحربي أفغانستان والعراق واحتمالات توجيه ضربة عسكرية إلى إيران.
يذكر أن الإعلامي الهولندي يوهان غالتوغ حاصل على دكتوراه في الرياضيات وأخرى في علم الاجتماع، ونشر حتى الآن 250 كتابا وأكثر من ألف مقالة علمية.
كما أسس معهد الأبحاث في مجال السلم بمدينة أوسلو وشبكة ترانسد العالمية للسلم والتنمية، وصدر كتابه الأخير "التغطية الإعلامية للنزاعات" بالاشتراك مع الصحفي والأكاديمي جاك لينش.
المصدر: الجزيرة
المفضلات