سدود تواجه العقل والاعتدال !
كيف يمكن للاصوات العربية الهادئة والعاقلة ان تخترق الحصار الصهيوني الذي يضيق يوما بعد يوم من حول ادارة الرئيس باراك اوباما وهو لم يتوان قبل يومين عن اعلان شعوره بالاحباط، لتعثر جهود السلام في الشرق الاوسط، بعدما استحوذت على حيّز كبير من اعمال ادارته في عامها الاول؟
ليس سهلا على الاطلاق بعد الآن وصول الصوت العربي الى اذن اوباما او عقله، وخصوصا بعدما اطبق عليه الهجوم المضاد الذي يشنه بنيامين نتنياهو ردا على التلويح، مجرد التلويح، بوجود خطة اميركية للحل قد تطرحها واشنطن في الشرق الاوسط.
ففي الاسبوع الماضي وقّع خمسون ادميرالا وجنرالا من متقاعدي الجيش الاميركي عريضة تأييد لاسرائيل، جاءت ردا على كلام الجنرال ديفيد بترايوس الذي قال ان اسرائيل باتت بمثابة عبء على اميركا وان تأييد واشنطن لها يزيد كراهية المسلمين والعرب لاميركا.
والاربعاء دفع الصهاينة الكونغرس دفعا الى توجيه صفعة قوية لاوباما عندما وجه 76 عضوا رسالة الى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تدعو الى صون العلاقات مع اسرائيل وتعزيزها، وهذا ما يمثل ردا على ما سبق اعلانه من اتجاه الى «فرض» الحل الاميركي في المنطقة، وهو ما نفته واشنطن سريعا.
رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري لم يضف حرفا الى ابجدية السياسة العربية العاقلة والخطاب العربي الموجه الى اميركا، لكنه في لقائه الاربعاء مع وفد «مؤسسة كارنيغي للسلام»، قال كلاما دقيقا وواقعيا، يفترض عمليا ان يشكل اولوية في نظر الساهرين على المصالح الاميركية في العالمين العربي والاسلامي، على الاقل لانه يقيم البرهان على صحة نظرية بترايوس، عندما يلفت صراحة الى ان «خط الاعتدال والعقل في العالم العربي بات مهددا وسيزداد تهديدا ان لم يتم اي خرق في عملية السلام(...) وان على واشنطن ان تلزم اسرائيل الحل، وهي قادرة على ذلك. وان الحل لا يعكس مصلحة المنطقة وحدها بل مصالح اميركا لان العداء ضد اميركا هو نتيجة دعمها لاسرائيل».
قبل الحريري، وخلال القمة النووية الدولية التي استضافها اوباما كان الامير مقرن بن عبد العزيز الذي حضر تلك القمة، قد رفع الصوت هو ايضا، مؤكدا اصرار بلاده الثابت والواضح على ان تكون منطقة الشرق الاوسط خالية من اسلحة الدمار الشامل.
جاء ذلك تحديدا في وقت بدا وكأن اميركا تتغاضى او تتعامى عن كل حديث يتناول سلاح اسرائيل النووي، وهذا ايضا من الامور التي تعمق المرارة العربية من الانحياز الاميركي الى اسرائيل.
وفي محاولة لقطع الطريق على الاستغلال الصهيوني المتمادي للمسألة النووية الايرانية، ناشد رئيس الاستخبارات العامة السعودي «الاخوة في طهران ان يعوا خطورة الوضع ويتعاملوا مع الموقف بكثير من الجدية واثبات ان برنامجهم هو للاغراض السلمية»، وهو فعلا ما يسقط قواعد التأجيج الصهيوني ضدهم.
نصف قرن تقريبا والتعمية الصهيونية تمنع وصول الصوت العربي الى العقل الاميركي.
وما قاله سعد الحريري يشكل انذارا حقيقيا يتصل بمستقبل العقل والاعتدال في المنطقة. اما ما قاله الامير مقرن فيشكل تنبيها اضافيا الى خطر الانحياز الى اسرائيل على مصالح واشنطن، ولكن من اين تدخل هذه الاصوات واصابع الصهاينة دائما في آذان البيت الابيض؟!.
راجح الخوري
النهار اللبنانية
المفضلات