لا زالت الامهات رغم التغيرات الرهيبة التي حدثت وتحدث في الحياة هن هن الامهات، يجمعهن نفس الاحساس ويوحدهن انواع معينة من القلق والخوف والتعب وكلهن يعرفن نوعا خاصا من الحب لا يضاهيه اي حب على مر العصور وعلى اختلاف الفهم وتنوع الفكر وتشتت الاماكن..! ناهيك عن الدور البيولوجي في الانجاب سبّب وضعهن في خانة الامهات وقبل اي شيء.. وحتى يكّن امهات بكل ما تحمل الكلمة من معنى لا بد ان تمتد الامومة لتطال الاحفاد وما يتبع ولا تنتفي الصفة بحكم التوريث فالام الجديدة وهكذا..!
معظم لغات العالم تتشابه فيها اللفظة فيدخل حرف الميم فيها عند لفظ معنى الام..! لربما لاجتماع كل اجناس الدنيا على عظمة الام تقارب حتى في نطقها..!
هكذا حال الام والا صار المسمى شيئاً اخر او يحتاج لتسمية لم افلح في ايجادها عندما تنجب الام وتترك مولودها يترعرع في احضان غيرها فتنشأ العظمة ولكن بعيدة عنهن ليصير الاحفاد العظماء ويغيب دور الامومة تماما.. هذا حال امهات كتبنا..!
امهات الكتب.. اين الاحفاد..؟ وقبل ذلك اين الابناء..؟ لان من الطبيعي ان من حظي بأعظم لقب وهو الامومة ان تلاصقه صفة الانجاب بمعنى الامتداد والاستمرار.. والا..!!
توقفنا عند لفظة امهات الكتب ولم نتمكن من تغيير المسمى لحضور العظمة.. رغم غياب اهم صفة تخصها الانجاب.. ولن ننكر.. ولكن تحويل النتاج بعيدا عن احضان من انجب حتّم العقم فبقيت في مكانها امهات وترعرع الابناء والاحفاد واستمراريتهما في احضان كانت في الاصل عقيمة..!
بغياب رفوف الخشب غابت امهات الكتب تماما ولا حتى حفظا.. ولكنها اسست حضارات بعيدة عنا، ولان قيمة الام لا تُقدر.. لعل فهمنا انحصر فقط في اننا لم نقدرها وحسب.. وكان هناك من عرف قيمتها وترك القيمة تنجب مئات القيم وبلا حدود وكان خير الابناء لمن ربى واعتنى واحتفظ.. لا لمن انجب..!!
ما اكثر امهات الكتب لدينا في الادب.. والاقتصاد.. والسياسة.. والدين.. التاريخ.. الجغرافيا.. العلوم.. ولكن؟!
ايعقل ان يقام النظام الامبراطوري الصيني خلال القرون الفائتة.. وتكون امهات كتبنا هي القاعدة النظرية الرئيسية لتنمية النظام الفكري الصيني.. وهي اساس الاعمال النموذجية للثقافة الصينية.. ورغم انها كانت خمسة كتب فقط من بين مئات الامهات الا انها صارت جزءا مهما في حضارتهم..!!
اخشى ان ابناءنا لم يسمعوا عن امهاتهم في حين ان اللقطاء من ابناء الغير يلتصقون بامهاتنا ونحن الغرباء.. فقط خمس من بين مئات الامهات.. ولو قدمن الاحترام لامهاتنا فقط.. فاي ابناء سنكون..!
كانت الكتب الخمسة التي نشأت الحضارة الصينية بها.. كتاب الاغاني للاصفهاني «والذي اُلف خلال خمسين عاما « ليُدّرس في معظم الدول المتقدمة وربما لا نعرف نحن عنه اكثر من الاسم..وكتاب التاريخ او « كتاب الوثائق التاريخية « لابن الاثير.. وكتاب تقلبات الزمن.. وكتاب الطقوس.. وحوليات الربيع والخريف..!!
لن تُنشئ الام جيلا كحالها اذ تربى الابناء عندها اياما معدودة او سنين محدودة..!!
ما اعظم الامهات.. ولكن تعدى الابناء معنى العقوق الى الجحود والنكران لا بل الى النسيان !!
ان اجتمع العالم على لفظة الامومة من المؤكد انه المستحيل بعينه ان يجتمع على لفظة توضّح من هم الابناء..!!
كم ابنا يعرف امه « كتاب الكامل للمبرد» من امهات كتب الادب العربي سوى اسما..!!
و نترك امهاتنا على الرفوف..!.
المفضلات