عمان - الرأي - نظم المركز الأردني للدراسات والمعلومات حلقة نقاشية بعنوان (الثقافة كمدخل للإصلاح) بمشاركة نخبة من القيادات الثقافية والسياسية والاكاديمية.
وفي هذا الصدد، شدد العلامة الأستاذ الدكتور ناصر الدين الأسد، خلال الحلقة التي أدارها رئيس المركز بلال حسن التل على أننا عندما نتحدث عن علاقة الإصلاح بالثقافة نقصد ثقافة الأمة ولا نقصد ثقافة الفرد، متسائلا عن المنطلق الذي ينطلق منه أعضاء لجنة الحوار الوطني في حوارهم؟ وهل عندهم جامع يجمعهم ينطلقون منه؟، أم ان لكل فرد منهم منطلق ينطلق منه؟.
وقال:«عندما يكون لكل فرد منطلق ينطلق منه, حينئذ نعود إلى ثقافة الفرد وليس إلى ثقافة الأمة, فينطلق الحزبي من منطلق معين ويبدي رأيا معينا في الإصلاح, ويريد لهذا الإصلاح شكلاً معيناً, كذلك الحال بالنسبة للعلماني والقومي, فلكل منهم تصوراً ومنطلق آخر علماً بأن الحكم على أي شيء فرعٌ من تصوره».
وتابع أن الثقافة هي التي تصور للإنسان الأشياء, لذلك يحكم عليها وفق تصوره, ومن لا يكون لديه تصورٌ لا يستطيع ان يحكم على الأشياء. ودلل الأسد على ذلك بالاشارة الى أنه تم وضع بند ثالث للجنة الحوار الوطني يتعلق بالتعديلات الدستورية. وقد نشبت خلافات كبرى حول هذه التعديلات وما زالت محتدمة مثلما هو الحال في قانون الانتخاب, وسبب هذه الخلافات هوان تطلعاتنا مختلفة, وتصوراتنا مختلفة, لأن ثقافتنا مختلفة, والسؤال هو: هل نحتاج أولاً إلى إصلاح الثقافة ليأتي الإصلاح وفق تصور موحد ومن منطلق موحد؟.
وقال الأسد أن ثقافة الأمة هي لغتها أولاً, ثم عقيدة الأمة ودينها اخذين بعين الاعتبار ان العلمانية دين, وعبادة الأصنام دين. لذلك قال الله تعالى: على لسان سيدنا محمد (لكم دينكم ولي دين) (الكافرون: 6) وقد قصد عبادة الاصنام, لأنه معتقد من المعتقدات فلا يمكن ان يعبد المرء صنما حجرا أو طينا إلا إذا رسخت في ذهنه ثقافة معينة تجعله يقوم بهذا العمل.
وتساءل الأسد عن مدى صلتنا بمفردات ثقافة أمتنا وهي اللغة والدين والتراث والادب والفنون, وهل هذا الذي نمارسه حينما نذهب إلى الجامع بهذه الاعداد الغفيرة التي تضيق بها الجوامع في البلاد الإسلامية «تديناً», وهل حرصنا دائما بالذهاب إلى الحج والتهافت عليه والتنافس فيه هو المقصود بكلمة (الدين) الذي يُكوّن ثقافة الأمة؟.
واجاب :«لا, لأن ما يقوم به الكثيرون منا هو مجرد تعبيرات وليست دينا يُكوّن ثقافة الأمة, لأن الكثيرين من الذين يذهبون إلى الجوامع لا يترددون إذا اتيح لهم ان يمارسوا ممارسة مختلفة تحقق مصالحهم من ان يفعلوا ذلك وهم على عتبة المسجد لأنهم لم يفهموا الدين على حقيقته ليصير بالنسبة لهم ثقافة تتجسد سلوكا.
وأضاف الأسد: إننا محتاجون إلى ثقافة الأمة في نفوسنا وعقولنا لكي تصبح سلوكا ونمط حياة لنا, وقد عشنا هذه الأجواء التي جعلت من فارس الخوري المسيحي رئيسا لوزراء سوريا لأن الإسلام كان هو ثقافة الجميع في هذه البلاد, لذلك قال مكرم عبيد: «أنا مسيحي دينا مسلم ثقافة» ولذلك أيضاً كان الأستاذ نقولا زيادة يستهل محاضراته في جمعية الشابات المسيحيات في القدس بآية قرآنية, وغير صحيح القول عن نقولا زيادة انه لم يكن يؤمن بدين, بل كان متمسكا بدينه, وقد رأيته في الطائرة وهو يتمتم بآيات من الإنجيل, وهذا لا يفعله إلا المؤمن بدينه وقد كان نقولا اشد عروبة من الكثير من المسلمين.
واكد الدكتور الأسد أنه لا إصلاح بدون ثقافة, ولكن ما نريده هو ثقافة المصلح.
هذا وقد أجمع المشاركون في الحوار على أهمية الثقافة ودورها في بناء ثقافة المجتمع, وضرورة معرفة مصادر ثقافة شبابنا, خاصة عبر الانترنت والفيسبوك, مع التأكيد على أهمية اللغة العربية وضرورة احترامها, خاصة في مناهجنا التعليمية. وتنشئة الأجيال عليها, مؤكدين الدور الذي لعبته الثقافة العربية في تاريخ أمتنا. وتناول المشاركون الدور الذي صارت تلعبه الدراما في تشكيل الثقافة محذرين من خطورة الصدام بين العروبة والإسلام.
وركز المشاركون على أهمية المناهج المدرسية التي صارت تؤلف في بلادنا من مرجعيات مختلفة عن ثقافة الأمة, مما يهدد ثقافتنا بالذوبان.
المفضلات