علم الفلك القديم
لقد أرتبط علم الفلك القديم بحياة الانسان منذ أمد التاريخ حين كانت السماء جزءاً لا يتجزاء من حياته على سطح هذه البسيطه ، فكان منظر السماء من فوق يذهله لانها صعبة المنال وذات أسرار لم يكن باستطاعته آنذاك ان يفهمها .
فكان يرى النجوم تشرق وتغيب وتتحرك من يوم لآخر غرباً وتغيب ليطلع غيرها دون كلل ثم تعود الاولى بعد فترة لتظهر في نفس الموعد وعند نفس الوقت من السنة ، وكان يرى الشمس تطلع كل يوم في الصباح وتغيب في المساء ولا تفتر تفعل ذلك .
وربما كان يلاحظ ان اماكن شروقها من يوم لاخر تتغير منخفضة جنوباً تارة ومرتفعة شمالاً تارة أخرى في نقطتين لا تتعداهما كل سنة ، وكذلك رأوا القمر الذي يكون غائباً في بداية الشهر ثم يظهر هلالاً رفيعاً ناحية الغرب وبمرور الايام يتقدم شرقاً ويكبر حتى يصير بدراً ثم يأخذ بعد ذلك بالصغر شيئاً فشيئاً ثم لا يلبث ان يختفي ، وهكذا يكرر هذه العملية كل شهر .
ورأوا ايضاً أعجب الاجرام في السماء وهي الكواكب ، فقد كانت محل حيرة عندهم لانها الاجرام الوحيدة في السماء التي كانت تتحرك غير حركة النجوم ، كانت تتحرك حركة عكس حركة النجوم اي شرقاً ولكنها في نفس
الوقت تشرق وتغيب معها الا انها لا تمكث في نفس المكان في السماء ولذلك فقد حظيت باحترام وتقدير القدماء
خاصة وانها كانت تسير دائماً في نفس النطاق من النجوم لا تتعداه شمالاً ام جنوباً ( وهو ما يعرف بنطاق البروج ) ، وكان عددها 5 غير الشمس والقمر اللذان يسيران ايضاً في نفس النطاق ، وبذلك يصبح عددها 7 ، مما جعلهم
ينظرون اليها نظرة تقديس ، وقالوا بانها تتقمص ارواح الالهة ، واصبح رقم 7 منذ ذلك الحين رقماً يدعو الى التفاؤل . ومن قبل كان الاسبوع عندهم 5 أيام نسبة الى الكواكب فقط وهي التي كانت معروفة آنذاك :
********عطارد ، الزهرة ، المريخ ، المشتري ، وزحل *********
ونسبوا كل يوم من ايام الاسبوع الى الكواكب او القمر او الشمس ، ولا تزال أيام الاسبوع في اللغات اللاتينية تحمل اسماء هذه الاجرام حتى يومنا هذا .
ويعتقد ان حضارة ما بين النهرين هي الموطن الاول والحضارة الاولى لنشؤ هذا العلم ، رغم انه لم يكن بالمعنى الذي نفهمه الان وانما هو معرفة بالنجوم القصد منها التنجيم . فلقد عرف الكهنة والمنجمون في هذه الحضارة المجموعات النجومية ( وهي الاشكال التي تخيلها الانسان في السماء من النجوم ، مثل الاسد ، والثور ، والدب ...... الخ ) ولكنها لم تكن بنفس الترتيب أو الاشكال التي نعرفها اليوم ، ولما كانت هذه الاجرام تسير في السماء
ضمن نطاق البروج حول الخط الذي يبدو ان الشمس تسير فيه ، فقد عرفوا المجموعات النجمية التي تمر فيها هذه الاجرام ، واصبحت هذه المجموعات ذات قيمة خاصة تميزها عن بقية مجموعات النجوم في السماء وذلك لان الاجرام المقدسة تمر فيها ، وقد قام الاغريق فيما بعد بتقسيمها الى 12 مجموعة هي التي نعرفها الان : -
* الحوت ، الحمل ، الثور ، التوأمان ، السرطان ، الاسد ، العذراء ، الميزان ، العقرب ، القوس ، الجدي ، الدلو ، *
وقد عرفها العرب ايضاً في الاسلام واخذت أسم البروج . وبدلا من ان يجعلوا الكواكب السيارة متقمصة روح الالهة ، فقد أعتبرها الاغريق انها الالهة نفسها ، وكتبوا فيها الاساطير التي اشتهرت عنهم وعن آلتهم ونجومهم
مثل اسطورة وحش البحر ( قطيس ) الذي جاء ليأكل الاميرة ( اندروميدا 1 ) بنت الملك ( قيفاوس ) والملكة ( كاسيوبيا ) ( ذات الكرسي ) فتصدى له ( برشاوس ) حامل رأس الغول الذي حوله مباشرة الى حجر بعدما ركب الفرس المجنح ( الفرس الاعظم ) . وهذه كلها مجموعات نجومية ذات أساطير نسجها الاغريق وخلدها في السماء ولا تزال الى يومنا هذا .
ولم يقتصر الفلك على أمة معينة انما اشتركت فيه كل الامم .
يتبع * جـ 2 *
منقول عن الاستاذ هاني الضّليع / الجمعية الفلكية الاردنية
المفضلات