يخلف ع الصبغة... بقلم: عاطف الفراية
عبد الرؤوف الروابدة
بقلم: عاطف الفراية
(يخلف ع الصبغة) عبارة ضاحكة قالها السياسي المخضرم عبد الرؤوف الروابدة حين وصفه أحد المشاركين في ندوة جدل المواطنة في الإعلام التي أقامها المنتدى البرلماني الإعلامي قبل يومين بأنه شاب... إلى هنا انتهى الخبر القفشة. والذي في ظاهره لا يعدو أن يكون تدليلا على قفشات السياسي العتيق التي لا تنتهي وسرعان ما تسري بين الناس مسرى النكتة في اليائسين..
لكنني قرأت العبارة أكثر من مرة.. محاولا الخروج منها بأكثر من تعليق الصيدلاني الأمين الوزير النائب رئيس الوزراء زعيم الحرس القديم .. والله يعلم ما إذا كان ثمة ألقاب لا أذكرها..
فإذا كانت (الصبغة) قد أخفت شيب رأس (أبي عصام) فقد أخفت بأنواعها المختلفة أشياء أكبر وأكثر وأخطر من الشيب لدى الكثيرين.
ألا ترون معي أن بلادنا العربية تقريبا كلها صبغة؟ كل أنواع الصبغة وألوانها تفعل ببلادنا الأفاعيل.. كم من رجل ليس فيه من الرجولة إلا الذكورة (وحتى هذه لم يتحقق منها أحد إلا زوجته .. وبنات الليل) أخفى عيوب عقله خلف منصب أبيه.. فكان أبوه صبغته. فبرك على رؤوسنا وصار صاحب قرار.. وكم من تلميذ فاشل لم يكن يحلم بأكثر من (مقبول) ليتخرج.. وكانت صبغته هي التقارير التي يرشقها بزملائه المبدعين.. الذين يحقد عليهم.. وما أن تخرج (والله وحده يعلم كيف تخرج) حتى تولى مكانا يحكم فيه بشأن العباد والبلاد وربما الفكر والثقافة وربما المناهج وربما وربما.. وكم من تافه اختفى خلف صبغة المال.. فصار مشرعا يسن القوانين .. وكم من فارغ نصاب دجال.. اختفى خلف صبغة تعددت أنواعها وأشكالها.. فأحيانا تكون الصبغة زوجة جميلة تهفو إليها قلوب وعقول مسؤولين كبار يطمعون برضاها عساهم يحظون منها بليلة حمراء.. وأحيانا ابن عم واصل.. وأحيانا قدرة على دعوة هذا أو ذاك على (سكرة) مع مازات مختلفة الجنسيات.. وكل أرباب الصبغات هؤلاء حولوا قوانين البلاد إلى صبغات تخفي جرائم يشيب لها رأس الوليد..
وكم من عالم حقيقي.. ومثقف حقيقي.. ووطني حقيقي.. ومجتهد حقيقي.. لا يملكون أية صبغة مما ذكر ومما لم يذكر.. فتاهوا وتاهت معهم البلاد..
ترى .. هل سيملك العرب يوما مزيلا للصبغات.. لينكشف لهم مصير المليارات التي يتحملونها ديونا إلى ولد الولد؟ ومناجم ومؤسسات بيعت لبائعيها أنفسهم؟ وأوطان بأكملها وبشعوبها تحولت إلى مزارع وأملاك شخصية؟
لا يبتئسن كل من شاب رأسه فأخفى ذلك بصبغة.. فالذين ما تزال شعورهم سوداء أو شقراء.. هم أكثر استخداما لصبغات.. هي أكبر وأخطر من رغبة كبير يعزي نفسه وتخدعه مرآته دون أن يضر بلادا ولا عبادا. بلادا تاهت مرآتها .. وعبادا ضاعت أحلامهم .. وانتهب شقاء أعمارهم.. وغدوا جياعا على مآدب لئام
المفضلات