أحمد الزيلعي، نيوزيمن:
تجمع كل الآراء الإقتصادية على وجود خلل في السياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي اليمني بسبب عدم اتساقها وتكاملها ومرونتها مع السياسات الأخرى مثل السياسة المالية، إضافة إلى محدودية خبرة اليمن في رسم وتنفيذ ومتابعة وتقويم السياسة النقدية وكذا محدوديتها في عملية توجيه الاقتصاد.
ولبحث نجاح وإخفاق السياسة النقدية في اليمن، نظم مركز سبأ للدراسات الإستراتيجية اليوم حلقة نقاش شاركت فيها قيادات مصرفية ومالية من عدد مؤسسات الدولة والقطاع الخاص ومختصين في الشأن الإقتصادي، انتهت إلى بإجماعها على ضرورة إعادة النظر في استخدام أدوات السياسة النقدية بما يتواكب مع المتغيرات المختلفة لضمان تحقيق أهدافها وإعادة هيكلة البنك المركزي اليمني.
وفي الورقة الرئيسة المقدمة إلى الحلقة والمعدة من قبل رئيس قسم العلوم المالية والمصرفية في الأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية بصنعاء الدكتور محمد عبد الحميد فرحان فإن السياسة النقدية ممثلة في التدخل المباشر في ظل الظروف غير الطبيعية التي مرتب بها اليمن في الفترة من العام 2009 و2010م لم تتمكن من تحقيق هدف الإستقرار النقدي.
وذهب فرحان أن السياسة النقدية المتبعة في اليمن في تلك الفترة أسهمت سلبا في التأثير على مستوى سعر الصرف من خلال إسهامها المباشر في تخفيض حجم الإحتياطات الخارجية، لكنه أشار إلى أن تلك السياسة آتت أكلها في الأعوام الممتدة من 2006 إلى العام 2008م، إذ أنها أسهمت إيجابيا في تراجع معدلات نمو مستوى سعر الصرف.
وخلص إلى القول بوجود علاقة عكسية بين حجم التدخل في سعر الصرف الأجنبي وحجم الإحتياطات الخارجية، لافتا إلى أن السياسة النقدية ومن خلال استمرارها في سياسة التدخل في سعر الصرف الأجنبي وفي ظل الظروف الإستثنائية التي مر بها اليمن خلال عام 2009م و2010م ومحدودية الإحتياطات الخارجية - وصلت إلى مستوى عجزت معه الإستمرار في تلك السياسة بمعدلات أكبر، مستشهدا على ذلك بتراجع نسبة التدخل من 75% في 2009م إلى ما 31% في العام 2010م.
كما أكد الباحث أن السياسة النقدية في اليمن لم تعد قادرة في تخفيض معدلات التضخم، بفعل التغير في سعر الصرف، نظرا للعلاقة الوثيقة بين معدلات التضخم ومعدلات التغير في مستوى سعر الصرف.
وعن أداء سياسة إدارة الدين العام، أشار فرحان إلى أن تلك السياسة لم تحقق هدف استقرار أسعار الصرف، بسبب التأثير السلبي لأذون الخزانة على حجم الإستثمار في الإقتصاد، معتبرا ذلك دليلا على عدم قدرة تلك السياسة في تعزيز الصادرات وبالتالي انخفاض الطلب على العملات الأجنبية.
أما مداخلات المشاركين في الحلقة فأكدت في مجملها على ضرورة استقلالية البنك المركزي اليمني، وإعادة هيكلته بما يتناسب مع تلك الإستقلالية، وأهمية ارتباط السياسة النقدية بمؤشرات اقتصادية لمعرفة أماكن نجاحها وإخفاقها.
كما انتقدت بعض المداخلات غياب الشفافية لدى البنك المركزي اليمني، وعدم توجيهه للودائع لدى البنوك لخدمة القطاعات الإقتصادية المختلفة والتي تذهب لتمويلات تجارية، مشيرة إلى عدم وجود سياسة نقدية واضحة مبنية على أسس علمية، داعية إلى تشكيل لجنة عليا للسياسة النقدية، ومنتقدة تدني السياسة الإئتمانية لدى البنك المركزي.
المفضلات