القيم التربوية
في البداية نأخذ مِثالاً عن وضعيَّة القِيَم في المدارس في إحدى الدُّول العربيَّة:
نسبة 66% من حالات العُنْف المدرسي تقع داخل المؤسسات التعليميَّة، و34% منها تَحدُث في محيط المدارس، كما أن أكثر من 67% من السُّلوكيات المُنحرِفة المسجَّلة تقع بين التلاميذ أنفسهم، بينما تتوزَّع 23% المتبقِّية بين العنف في حقِّ الأُطُر التَّربويَّة من طرف التلاميذ، أو من طرف أشخاص غُرباء عن المؤسسات التعليمية.
هذا يُعمَّم بنِسَب مختلِفة على مؤسساتنا التَّربويَّة في كلِّ المراحل، خصوصًا المتوسط والثانوي والجامعي، ويَدفَعنا إلى القول بأن الاهتمام بالقيم يُعَد قضيَّة العصْر، وخاصَّة في ظلِّ ما نَلحَظه من تشوُّهات السُّلوك الإنساني المعاصر، وغَلَبة الأنانيَّة والفردية والمادية، واضمحلال القيم الرُّوحية والأخلاقيَّة.*
لذا وجب أن نَنشغل بالاهتمام بالقضيَّة القيمية والأخلاقية جميعًا كمربِّين (الأسرة، والمدرسة، والمسجد، والمجتمع، والمؤسسات العمومية، والخاصَّة)، كلٌّ في مجال اختصاصه، وبشراكة وتَواصُل وتَعاوُن حين يستدعي الأمر ذلك؛ لأنَّها مهمة صعبة تتحدَّى كلَّ تَربويٍّ وأب وأم، وبخاصة في ظلِّ ما يتعرَّض له الناشئةُ في عصر الانفتاح والعولمة.
إنَّ تعليمَ القيم الفاضلة، والتي هي أحكام وقواعد وأعراف ربانيَّة المصدر أصلاً مُتناسِقة وواقعيَّة تُوافِق طبيعة الإنسان، بل واقع الكون والحياة شاملة، تتوجَّه إلى تنمية الفرد في عقله وبَدَنه ورُوحه ونفسيَّته، والتَّربية فيها تكون بالتَّدرج والاستمرار والثَّبات، والتَّدرُّج يكون حسَب المرحلة العمريَّة وحسَب تقبُّل تلك التربية، والرُّجوعُ إلى المرجعيَّة الدينيَّة للاهتمام بالتَّربية القيمية أمرٌ حضَّتْ عليه المرجعيَّةُ الدينيَّة (قرآنًا وسُنَّة) كلها، وحتى السياسية والقانونية والبيداغوجية عالميًّا؛ ففي القرآن الكريم ذكَر الله تعالى في مُحكَم كتابه الكريم: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9].
*
وورد في السُّنة النبويَّة المُطهَّرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إنما بُعِثتُ لأُتمِّم مكارمَ الأخلاق)).
المفضلات