الأردن.. خلية إستراتيجية تشخص مصلحة النظام وتؤسس لتعديلات غير مسبوقة تشمل 29 بندا في الدستور
يخدم التشبيك على مستوى القرار الاستراتيجي الاردني بين لجنتي الحوار الوطني برئاسة طاهر المصري والتعديلات الدستورية برئاسة احمد اللوزي النظرية الجديدة على مستوى الحكم والادارة والتي ينبغي لها ان تنشل مستقبل البلاد السياسي وملفاتها الاصلاحية من مستنقع فوضى الشارع والانفلات التي تجتاح دول المنطقة.
ورغم تراجع المد الاصلاحي في مملكة البحرين ودخول سورية كبلد جار ومهم للاردن في حالة انفلات وفوضى تشكل المؤسسات المرجعية في عمان انطباعات يومية توحي بالتمسك بالخيار الاصلاحي بالرغم من خفوت حدة حراك الشباب والاعتصامات في الشوارع الاردنية.
وحتى يقنع القصر الملكي الاردني جميع اطراف الداخل ويسحب الذرائع من ايدي الطامحين والمعارضين قفز بقرار سياسي نحو ملف التعديلات الدستورية كخطوة كبيرة تقررت دون ضغط الشارع وبدون توترات امنية وتحديدا في اللحظة التي انخفضت فيها ظاهرة الاعتصام الى أدنى مستوياتها.
ومن هنا يراد سياسيا من وراء تشكيل خلية التعديل الدستوري خلق ميكانيزم منتج للتفكير الاسراتيجي بعيدا عن اجندة الحكومات الضيقة وضغط المستويات الامنية، الامر الذي يفسر اختيار شخصيات من خارج المساحات التي يمكن ان يزاود عليها احد حتى داخل مؤسسات النظام وهي شخصيات من الحرس القديم الزاهد بالاضواء والذي من الصعب التأثير عليه اما بضغط حكومي او حتى بضغط امني.
ولذلك تم اختيار رجل الدولة المخضرم احمد اللوزي لرئاسة لجنة تعديلات الدستور وبقرار ملكي على أن يعمل معه في السياق شخصيات ذات ثقل لم يعرف عنها التجاذب ولا ترتبط بمصالح اوأجندات من طراز طاهر المصري وطاهر حكمت ورياض الشكعة ومروان دودين واخرين انيطت بهم مهمة صعبة ومعقدة وتاريخية في الواقع تتعلق بتحديث نصوص الدستور التي لم تعد مقدسة.
وما يبدو عليه المشهد اليوم ان الحاجة ملحة لتوفير قناعة لدى الرأي العام ونخب السياسة بوجود مطبخ سياسي استراتيجي يحاول تشخيص مصلحة النظام والمجتمع وتوصيف بعض الحلول بعيدا عن ما يسميه الناشط السياسي مبارك ابو يامين بـ'بوفيهات' السياسة بدلا من مطابخها، وهي المهمة المناطة الآن عمليا بالثنائي المصري واللوزي من خلال رئاسة لجان الحوار والتعديلات الدستورية.
ولإنجاح المهمة يتطلع مستوى القرار الى التشبيك بين اللجنتين بهدف التشخيص اولا، والتوصيف ثانيا عبر لافتة تعديلات الدستور وبشكل ينهي ويحسم الجدل المحلي حول المماطلة في الاصلاحات كما يسحب ذريعة السعي للملكية الدستورية من بين يدي قوى الشارع سواء عبر عنها الاسلاميون او غيرهم.
وما تبشر به مؤسسة القرار هذه الايام يتعلق باعتبار وجود شخصية ديمقراطية تحظى بالاجماع مثل طاهر المصري في اللجنتين نقطة مركزية تشكل ضمانة لوصفة اصلاحية متوازنة تحسم الجدل داخليا واقليميا ودوليا حول ملامح وهوية نوايا الاصلاح الأردنية. وعليه من المقرر ان تعمل لجنة تعديلات الدستور الملكية وفق أولوية من ثلاثة محاور اولها تبني حزمة التعديلات الدستورية التي ستقترحها لجنة الحوار الوطني، وثانيها مراجعة شاملة لـ 29 بندا في دستور البلاد الذي لم يخضع للتعديل منذ عام 1952 وهي مراجعة يفترض ان تشمل كل اتجاهات ومسارات التنمية السياسية على ان المحور الثالث يتعلق بمناقشة ثم تعديل أي قضايا مستجدة على نصوص الدستور يتطلبها الوقت الراهن.
هذه العملية يفترض ان تنضج في غضون اسابيع فقط حيث يجمع اصحاب القرار على ان ترف الوقت غير متوفر، فيما يعتقد ان محاور واوراق ووثائق هذه المراجعة الدستورية المثيرة والتي يرى البعض انها فرضت باستحقاق خارجي ينبغي ان تنتهي قبل الاول من شهر أيار (مايو) المقبل وبصورة تهيىء البلاد لانتخابات جديدة ووزارة طازجة مع فتح صفحة يراهن كثيرون على انها ستكون جديدة فيما يشكك البعض بالامر.
المصدر : الحقيقة الدولية – القدس العربي 10.5.2011
المفضلات