قال الله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا } [ النساء : 36 ] .
وقال الله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } [ لقمان : 18 ] .
وقال الله تعالى : { فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ } [ النحل : 29 ] .
عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : - « لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر فقال رجل : يا رسول الله إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا قال : إن الله جميل يحب الجمال . الكبر بطر الحق وغمط الناس » رواه مسلم .
الكبر : بكسر الكاف وهي الحالة التي يختص بها الإنسان من إعجابه بنفسه وذلك أن يرى نفسه أكبر من غيره ، وأعظم ذلك أن يتكبر على ربه بأن يمتنع من قبول الحق والإذعان له بالتوحيد والطاعة ، والتكبر يأتي على وجهين أحدهما : أن تكون الأفعال الحسنة زائدة على محاسن الغير ومن ثم وصف سبحانه نفسه بالمتكبر . والثاني : أن يكون متكلفا لذلك ، متشبعا بما ليس فيه ، وهو وصف عامة الناس نحو قوله سبحانه : { كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ } .أما معنى قوله : « الكبر بطر الحق » هو أن يجعل ما جعله الله حقا من توحيده وعبادته باطلا . وقيل هو أن يتجبر عند الحق فلا يراه حقا وقيل هو أن يتكبر عن الحق فلا يقبله .
أما غمط الناس : الغمط الازدراء والاحتقار .
واعلم أن الكبر من المهلكات ولا يخلو أحد من خلق عن شيء منه ، وإزالته فرض عين ، لا يزول بمجرد التمني بل بالمعالجة . قال بعض أهل العلم :
ومن المعالجات لمرض الكبر أن يعرف نفسه ، ويعرف ربه تعالى ويكفيه ذلك في إزالة الكبر ، فإنه مهما عرف نفسه حق المعرفة علم أنه أذل من كل ذليل وأقل من كل قليل وأنه لا يليق به إلا التواضع والذلة والمهابة ، وإذا عرف ربه علم أنه لا تليق العظمة والكبرياء إلا بالله . وأما معرفة نفسه فنذكر من ذلك ما ينفع في إثارة التواضع والمذلة ويكفيه أن يعرف معنى آية واحدة في كتاب الله قوله تعالى : { قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ }{ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ }{ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ }{ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ }{ ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ }{ ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ } [ سورة عبس ، الآيات 17 - 22 ] .
فقد أشارت الآية إلى أول خلق الإنسان ، وإلى آخره وإلى وسطه ، فلينظر الإنسان إلى ذلك ليفهم معنى هذه الآية .
أما أوله فهو لم يكن شيئا مذكورا ، وقد كان في حيز العدم ، ثم خلقه من أرذل الأشياء ، ثم من أقذرها إذ قد خلقه من تراب ، ثم من نطفة ، ثم من علقة ، ثم من مضغة . . إلخ ثم أسمعه بعدما كان أصم ، وبصره بعدما كان فاقدا للبصر ، قواه بعد ضعف ، وعلمه بعد الجهل وأغناه بعد الفقر ، وأشبعه بعد الجوع ، وكساه بعد العري ، وهداه بعد الضلال ، فانظر كيف دبره وصوره .
المفضلات