الشاعر السوري الكبير : سليمان العيسى : شاعر الثورة العربية
حارب وحورب .. سجن وعذب ..
لأنه يشعر بأنه يحمل رسالة أمته العربية وله تطلعات ورؤى لمستقبلها ..
له العديد من الدواوين الشعرية منها شاعر بين الجدران (أثناء سجنه بسوريا) وديوان رمال عطشى وديوان الدم والنجوم الخضر ..
وقد اخترت لكم هذه القصيدة من ديوانه شاعر بين الجدران بعنوان : ( عذراء )
وصل للشاعر وهو في غياهب سجن النظارة بدمشق طعام ملفوفا بصحيفة وفرح بالصحيفة أكثر من الطعام ليقتل بها الملل من رتابة السجن
وتصادف أن في هذه الصحيفة قصيدة غزلية قديمة له وتعلوها صورة فتاة حسناء
فقال :
عذراء
هـا أنــت .. لا , لا, لــن
أعكر للضحى الحلو افتراره
تحيين .. فوق قصيدتي
ذكـــرى , وأغـــنية مـــثاره
وجها .. أرق من الخيال البكر أشرق في عباره
ثغرا أحب من النعيم ومن سلافته المداره
عينان .. بين السحر ـ لم تبرح ـ وبينهما سفاره
شفتان .. تختصران تاريخ السعادة في افتراره
ها انت .. لو تدرين أين
الآن شاعرك المجيد ؟!
من أين يرسل همسه
شعرا , ليحضنه الخلود
من أين يخترق الظلام
مزغردا .. هذا النشيد
تصغي له الجدر الثخان
بجانبي ... وتستزيد
ويكاد ينشده معي
السجان والباب الحديد
ها انت .. فوق قصيدتي
وأنا , وأنت هنا قصيد
صمت "النظارة" و الرطوبة
والدُنى .. حولي همود
والليل .. كالشبح المسمر
ليس ينقص , أو يزيد
وخيال شاعرك القديم
جوانح ـ أبدا ـ ترود
خفاقة .. ودت ـ لتهدأ ـ
لو يكون لها حدود
مجنونة النزوات .. تسكرها
المهاوي .. والنجود
والسهل , والقمم المخيفة
والتردي , والصعود
مجنونة النزوات .. أجهل
مثل غيري .. ما تريد
تنهد أبياتا بواقي ,
حين تصدمها القيود
وتصكها الجدر الثخان ..
فلا تموت , ولا تبيدِ .
المفضلات